الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«تاليبي».. مأساة الطفولة الأفريقية في أزمة كورونا

«تاليبي».. مأساة الطفولة الأفريقية في أزمة كورونا

أحد الأطفال «التاليبي» في مدينة طوبا ـ السنغال. أ ف ب

منذ عشرات السنين ألِفت شوارع العاصمة السنغالية داكار أفواج الأطفال «التاليبي»، يتجولون بالآلاف بين أزقتها، يتسولون المارة ويجمعون قوت يومهم ويُحصِّلون «الضريبة» المفروضة عليهم من قبل مشايخهم في «الدارات».

اليوم، وبسبب فيروس كورونا المستجد، تخلو هذه الشوارع من أطفالها، وتفتقد الأزقة العلب والأواني الفارغة التي كان قرعها يَعلق بالأسماع، منذراً باقتراب وصول فوج من صغار المتسولين.

تُعد السنغال من الدول الأفريقية التي بادرت مبكراً إلى اتخاذ إجراءات احترازية صارمة لمواجهة تفشي الفيروس، وشملت هذه الإجراءات إجبار أكثر من 100 ألف طفل على مغادرة الشوارع والعودة إلى أماكنهم الأصلية أو البقاء داخل أسوار مدارس خاصة لحين انفراج الأزمة الصحية.

يمثل هذا الرقم، حسب منظمة مراقبة حقوق الإنسان الدولية (هيومان رايتس ووتش)، عدد الأطفال الذين يطلق عليهم اسم «التاليبي»، وهم طلبة يرسلهم ذووهم في المناطق الريفية للدراسة في أماكن تعرف بـ«الدارا» حيث يجبرون، بحكم الأعراف الضاربة في القدم، على التسول طيلة ساعات النهار في الشوارع من أجل جلب المؤونة للمشرفين على هذه المدارس.

ومثلت كثرة أعداد أطفال «التاليبي» واتساع نطاق تحركاتهم في الشوارع، إحدى النقاط التي أثارت مخاوف السلطات في دول غرب أفريقيا ضمن الأسباب المحتملة لتفشي الفيروس بين السكان.

وقال لـ«الرؤية» الصحفي في وكالة «آبا ـ داكار» محمد ديوف إن السلطات السنغالية شددت إجراءات مراقبة الشوارع للقبض على أي أطفال متسولين، حيث يتم احتجازهم قبل إعادتهم إلى أسرهم في الداخل ومعاقبة المدارس التي ينتمون إليها.

ولفت إلى أن السنغال بادرت إلى اتخاذ تدابير خاصة بهذه الفئة، حيث وجهت الحكومة مساعدات غذائية استعجالية للمدارس غير الرسمية من أجل منع تسرب الأطفال إلى الشوارع، مشيراً إلى أن منظمات غير حكومية عديدة تقوم بإسناد هذه الجهود الرسمية عبر توزيع مواد الصابون والمطهرات وحتى الكمامات على هذه المدارس.

ولا تقتصر ظاهرة التاليبي على السنغال فقط، حيث تنتشر في بلدان غرب أفريقيا كلها تقريباً، ما مثل دائماً تحدياً لجهود أجهزة مكافحة التسول ومحو الأمية، وحماية الطفولة في هذه البلدان.

وفي غامبيا، التي تنتشر في عاصمتها بانجول، مدارس «الدارا» فرضت السلطات حجراً منزلياً على كافة هذه الأماكن مع تسجيل أولى حالات الإصابة بالفيروس على الأراضي الغامبية.

وأكد لـ«الرؤية» الناشط الحقوقي الغامبي نفامارا جاونو أن المخاوف من تفشي الوباء بسبب طبيعة انتشار «التاليبي» أسفرت عن إصدار السلطات قراراً بمنع أطفال المدارس الدينية من الخروج للشوارع وإعادتهم إلى أماكنهم الأصلية في الداخل الغامبي.

ولجأت السلطات في غرب أفريقيا إلى المرجعيات الدينية لإقناع السكان خصوصاً المتدينين باحترام التدابير المتخذة لمواجهة الوباء الجديد.

وحسب مجلة «جون آفريك»، أصدر الخليفة العام للطريقة المريدية التي تعد الأكبر في عموم المنطقة، أمراً لأتباعه بالامتثال للتعليمات الرسمية، ووجه شيوخ مدارس «الدارا» بالاستجابة للإجراءات الحكومية.

وسجلت السنغال حتى الآن 314 حالة إصابة مؤكدة، وحالتي وفاة بسبب الفيروس، فيما رصدت غامبيا 9 حالات إصابة وحالة وفاة واحدة.