الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«صراع تيغراي».. التحول لحرب إقليمية أو بقاؤه محلياً في يد السودان

مع شن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، هجوماً عسكرياً ضد جبهة تحرير شعب تيغراي،، يبدو أن الخرطوم ستكون هي من يحدد مستقبل الحرب في إثيوبيا وهل ستظل حرباً أهلية، أم يمكن أن تمتد لتكون حرباً إقليمية.

فبحسب تقرير مطول لمجلة فورين بوليسي الأمريكية ستحدد مواقف السودان المجاور لإثيوبيا ما إذا كان الصراع سيبقى شأناً محلياً أم سيتطور إلى نزاع إقليمي.

وقالت المجلة إنه منذ أن تمكنت جبهة تيغراي، التي كانت مسيطرة على الحياة السياسية في إثيوبيا لعقود قبيل مجيء آبي للسلطة، الأسبوع الماضي من الاستيلاء على معدات عسكرية وولاء نصف جنود الفرق الخمس التابعة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية بالقيادة الشمالية في تيغراي، وهو ما يقدر بنحو 15 ألف جندي، زادت أهمية الإمدادات اللوجيستية للجبهة والتي ستعتمد بلا شك على موقف السودان من الصراع.

اعتبارات إستراتيجية

وقالت المجلة الأمريكية إن لدى السودان اعتبارات إستراتيجية قد تدفع الخرطوم للتفكير في دعم -أو على الأقل الظهور بمظهر الداعم- لجبهة تحرير شعب تيغراي في حربها ضد حكومة أديس أبابا.

وعلى الرغم من أن السودان قد أغلقت الحدود رسمياً بين إقليم تيغراي والولايات الحدودية السودانية -كسلا والقضارف- وهما بمثابة الممر الذي يربط الإقليم بالعالم الخارجي ومصدر الوقود والغذاء والذخيرة له، إلا أن الخرطوم، قد تستخدم ورقة التهديد بدعم الجبهة لانتزاع تنازلات من إثيوبيا بشأن «مثلث الفشقة» الحدودي المتنازع عليه بين البلدين.

وهذا المثلث هو منطقة زراعية تبلغ مساحتها نحو 100 ميل مربع على طول حدود السودان مع ولاية أمهرة الإثيوبية، وتعتبرها الخرطوم أراضي تابعة لها بموجب اتفاقية وُقّعت عام 1902 بين المملكة المتحدة وإثيوبيا في عهد الإمبراطور مينيليك الثاني، وهو أمر دعمه العديد من القادة الإثيوبيين بمن فيهم قادة جبهة تحرير شعب تيغراي.

ووفقاً لتقرير فورين بوليسي قد تستغل الخرطوم أيضاً التلويح بدعم الجبهة من أجل تحقيق مكاسب في مفاوضاتها المتعثرة مع إثيوبيا بشأن تقاسم مياه النيل وسد النهضة.

لكن، بحسب التقرير، أي موقف سوداني داعم لجبهة تيغراي -المتمركزة في إقليم محاذٍ لإريتريا- ستحوّل الحرب الأهلية الدائرة حالياً إلى صراع طويل الأمد وحرب بالوكالة وقد تكون كلفته الاستراتيجية في علاقات الخرطوم مع أديس أبابا وأسمرا عالية جداً.

صراع بالوكالة

وأوضح التقرير أن المنطقة يمكن بسبب هذا الموقف أن تعود مجدداً وبسرعة إلى حالة الصراع بالوكالة التي سبقت صعود آبي أحمد للحكم وانهيار نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، أو تفتح المجال لنزاع إقليمي أوسع.

ويعرقل اتخاذ السودان موقف داعم لتغراي، هو وضعها الحالي الهش داخلياً حيث تريد الخرطوم ضمان أن يكون لديها على الأقل الحد الأدنى من العلاقات مع جيرانها، وقد ركزت تعليمات المسؤولين السودانيين في الوقت الراهن على الحياد وعدم اتخاذ موقف لصالح أي طرف.

وأكد ضابط سوداني رفيع أن هذه الرسالة وجهت لعناصر القوات المسلحة السودانية التي انتشرت على الحدود مع إثيوبيا.

خسائر متوقعة

كما أن السودان قد يخسر الكثير في حال قرر دعم تيغراي، ومن بين هذه الخسائر هو انتقام رئيس الوزراء الإثيوبي الذي قد يدعم الجماعات المتمردة السودانية الموقعة على اتفاقات سلام هشة مع الحكومة الانتقالية، في ولاية النيل الأزرق المتاخمة لولاية «بني شنقول غمز» الإثيوبية التي تحتضن موقع سد النهضة.

وفي حال أصر السودان على جعل استعادة منطقة الفشقة شرطاً صريحاً لامتناعه عن دعم جبهة تحرير شعب تيغراي لوجيستيا، فإن الأمر سيكون مدمراً لآبي أحمد، رغم ما يكتنف هذه الخطوة من مخاطر للطرف السوداني.

وبحسب التقرير إذا رفض آبي أحمد هذا الشرط السوداني فإن ذلك سيعني أن السودان أمام فرصة لدعم الجبهة، لكن النتيجة ستكون إشعال وإطالة أمده. لكن إن قبل مطلب الخرطوم فسيخسر دعم قومية الأمهرة، التي تعتبر أراضي الفشقة ميراث أجدادها.

دعم المعارضة

على الجانب الإريتري، بحسب التقرير يمكن للرئيس أسياس أفورقي -الذي تعتبره جبهة تحرير تيغراي أحد ألد أعدائها- أن يدعم المعارضة ضد الحكومة الانتقالية في السودان، وتجنيد عناصر المعارضة الساخطين الذين كانوا مقيمين سابقاً في إريتريا منذ منتصف التسعينيات وإلى عام 2006.

وأضاف التقرير أن إريتريا قد تعمل على تأجيج التوترات التي اندلعت منذ سقوط نظام عمر البشير شرقي البلاد، خاصة في ولايات كسلا والقضارف وبورتسودان.