الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«الصراع في تيغراي».. مخاوف من تفكك النظام الفيدراليِّ في إثيوبيا

«الصراع في تيغراي».. مخاوف من تفكك النظام الفيدراليِّ في إثيوبيا

محللون: الأوضاع بالغة التعقيد، ولا يبدو أن أحد الطرفين قادر على حسم العسكرياً. (أ ف ب)

حذر خبراء ومختصون من إمكانية أن يؤدي الصراع الإثيوبي بين الحكومة المركزية وسكان إقليم تيغراي إلى انفصال الإقليم، معيداً إلى الأذهان ذكريات السيناريو الإريتري.

وفرَّ عشرات الآلاف من إقليم تيغراي شمال البلاد بعد ما أطلق رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد مطلع نوفمبر الماضي، حملة عسكرية على الإقليم للإطاحة بالحزب الحاكم (جبهة تحرير شعب تيغراي) التي اتهمها بتحدي حكومته والسعي لزعزعة استقرار البلاد.

وبدأ الخلاف بين الحكومة المركزية وسكان إقليم تيغراي بعد أن أجرى قادة الإقليم انتخابات فازت جبهة تيغراي بجميع مقاعدها. وهو ما اعتبره البرلمان عملية غير دستورية. وألغيت نتائج الانتخابات بعدها.

واستقبل السودان حوالي 40 ألف لاجئ، في وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من إمكانية وصول العدد إلى 200 ألف في حال استمر الصراع.





صراع قوميات

وحذر الأكاديمي والمختص في الدراسات الإفريقية الدكتور عبدالوهاب الطيب البشير، من «إمكانية سير الصراع بين إقليم تيغراي والدولة المركزية حذو النعل بالنعل مع صراع القوميات الإريترية ونظامي الإمبراطور هيلاسلاسي والرئيس الأسبق منغستو هيلا مريام، الذي بدأ في عام 1961 احتجاجاً على نهج الإمبراطورية في التعامل مع القوميات في إريتريا، وانتهى في 1991 بانفصال إريتريا عن إثيوبيا». وأشار إلى أن مُضي إقليم تيغراي في حلمه بإقامة دولته يسرِّع من هذا السيناريو، «والذي يتطلب كبحه كثيراً من الحكمة، وغير القليل من التنازلات».

وقال إن «الأوضاع بالغة التعقيد في إثيوبيا، فعلى المستوى العسكري لا يبدو أن أحد الطرفين قادر على الحسم، ورغم شح الأخبار من جبهات القتال، والتعتيم الإعلامي، إلا أن جبهة تحرير تيغراي أبدت قدرة كبيرة على الصمود، ما يعني أن معركة كسر عظام تدور رحاها حالياً».

وأضاف: لعل التعقيد الأبرز حالياً «يتمثل في قدرة النظام الفيدراليِّ على إبقاء إثيوبيا موحدة من سيناريوهات الانقسام، لا سيما وأن اصطفافات قومية بدأت في التشكل. فعلى سبيل المثال أعلنت قومية العفر بالإقليم مساندة الحكومة المركزية، فيما يبدو أن قادة الصومال الإثيوبي على وفاق مع تيغراي، وهو أمر يهدد بتوسيع دائرة الصراع خارج الإقليم المضطرب، وربما تناحر بين القوميات المختلفة بناء على المواقف الحالية من طرفي الأزمة».

وقال البشير إن اتهامات الجيش الإثيوبي لمدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، بمساعدة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي في شراء أسلحة «قد تكون مفهومة في إطار مشهد الصراع الكلي، ولكن خطورتها تكمن في قدرتها على إفقاد الجيش الإثيوبي -وهو أحد أكبر عناصر الوحدة- لقوميته، وبالتالي فإن المعركة قد تأخذ أبعاداً خطيرة في خلق اصطفافات داخل الجيش ذاته».

وبحسب البشير فإن الحل الأمثل يكمن في احتكام طرفي النزاع إلى طاولة مفاوضات؛ أملاً في الوصول إلى تسوية مرضية.



تحجيم الدبلوماسية



بدوره، أكد الأستاذ بجامعة البحر الأحمر والباحث في الشأن الإفريقي متوكل دقاش، أن اتهام شخصية بمكانة تيدروس أدينهوم، هو «استراتيجية تسعى من خلالها حكومة آبي أحمد إلى تحجيم الدعم الدبلوماسي الذي يمكن أن يقدمه مدير منظمة الصحة العالمية، لحكومة إقليم تيغراي».

وأشار دقاش إلى أن إقليم تيغراي يصف مثل هذه الاتهامات والأفعال بأنها «من قبيل السياسات العرقية التي تضع أبناء مكون إقليم تيغراي ككل واحد وتتعامل معه بعدوانية، وهذا خطأ استراتيجي من قبل الحكومة الفيدرالية؛ لأنها تخلق اصطفافاً كبيراً بين أبناء قومية إقليم تيغراي، ما يوسع الهوة بين الحكومة الفيدرالية وحكومة الإقليم، ويجعل التوصل إلى حلول مسألة صعبة في ظل حدة الاستقطاب».

وأضاف دقاش أن سيناريو الانقسام المستقبلي وارد، ويصبح مطروحاً بقوة إذا استمرت حكومة آبي أحمد في الخطاب القومي الذي يتمسك بالفيدرالية الإثنية كأقل تقدير. مشيراً إلى أنه «في اللحظة التي بنيت فيها الفيدرالية الإثنية لتذويب الفوارق بين الإثنيات وتوسيع المشاركة السياسية، تبدو سياسات الدمج التي يسعى إليها أبي أحمد أقرب إلى إعادة سياسات السيطرة المركزية على الأقاليم والقوميات، التي تعني بالنسبة إلى قوميات مثل الأورومو والتيغراي وقبائل الجنوب، سيطرة الأمهرة».

وقال الخبير العسكري ونائب رئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل الله برمة ناصر، إن «الوضع في إثيوبيا له آثار أمنية وصحية واقتصادية سلبية كبيرة على السودان، الذي يعد أكبر المتضررين من الحرب، بعدما أضحت أرضه ملاذاً لسكان إقليم تيغراي. الذي يعادي نظام إريتريا والأورمو جنوباً».