الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

شُيد بعد اعتداء على السجينات.. أجواء «فريدة» في سجن باماكو للنساء

تتباين الأجواء داخل «سجن بوليه للنساء» في باماكو بشكل مذهل، حيث تتابع المعتقلات دورات في مشاغل لصنع الصابون أو تصفيف الشعر، تعلّمهنّ مهنة يمكن مزاولتها مستقبلاً.

يجتاز الزائر الباب العالي الصدئ وسط جدران عريضة من الحجر الترابيّ اللون، فلا يجد داخل سجن الساحل الوحيد المخصص للنساء إلى جانب سجن نواكشوط في موريتانيا، ما يذكر بالسجون المكتظة وغير الصحية.

هناك حارسات وحراس يتنقلون بين المباني القائمة داخل المجمع الواسع المسوّر، لكن ليس هناك الكثير من الأسلحة والبدلات الرسمية. في المقابل، يمكن رؤية نساء يطحنّ حبوباً وأطفال يلعبون في الحضانة.

وبعد الساعة 16,00، لا يعود يسمح بوجود أي رجل.



عميدة السجينات

تقول مريم س.، عميدة السجينات في معتقل النساء والقاصرات إن التضامن يسود بين النساء الـ144 فيه، موضحة «أننا نتكاتف».

وتروي المرأة واضعة وشاحاً أمام عينيها المكحّلتين «حين تصل سجينة جديدة، لا تعرف قواعد السجن، فنرافقها».

وأوضح بابو توغورا من المديرية الوطنية لإدارة السجون: «لا نعتبر بولي مركز اعتقال»، مشيداً بالمشاغل حيث يمكن للنساء أن يكتسبن مهنة يزاولنها في المستقبل، ويشير إلى ملعب لكرة السلة وصف «يوغا» حتى.





اعتداء على السجينات

بدأت قصة هذا السجن خلال ثورة 1991، السنة المحورية في تاريخ مالي. فمع الانقلاب الذي أطاح بموسى تراوري، سلكت البلاد طريق الديمقراطية. لكن المحقق غابريال فلازان سيديبي مساعد مدير بولي قال إن السجناء في سجن باماكو «اغتنموا الثورة للتعدي على السجينات».

اتخذ قرار عندها بإنشاء معتقل على حدة، أقيم عام 1999 ولا يزال حتى الآن من السجون النادرة المخصصة للنساء حصراً في المنطقة.

وتتضمن السجون الأخرى في مالي وسواها أقساماً خاصة بالنساء بمعزل عن الرجال.

وأوضح سيديبي أن النساء في سجن باماكو «بذلن كل ما بوسعهنّ للتجمع هنا».

بطء القضاء

ويخفي هدوء الحياة في السجن قسوة الواقع في الساحل. فوسط المشكلات الأمنية والسياسية المستمرة منذ سنوات، تبقى مالي من أفقر الدول في العالم. ولا يستمر سجن بولي إلا بفضل المساعدات الأجنبية.

وأقر إبراهيم تونكارا مدير إدارة السجون أمام ممثلين عن برنامج الأمم المتحدة للتنمية قدموا لتقديم هبة «لا بد من الإقرار بأنه بدون دعم الشركاء، لكان الوضع معقداً».

وفي ظل بطء القضاء، لم تخضع الغالبية الكبرى من السجينات للمحاكمة، وقدرت الإدارة عددهن بالثلثين.

و19 من السجينات الـ144 أجنبيات من دول الجوار ونيجيريا وزيمبابوي وملاوي. يقول سيديبي «تجدون هناك كل الجرائم التي يمكن أن تخطر في البال».





أطفال في السجن

معظم النساء هنا متهمات بالعنف والقتل وقتل الأطفال والضرب، وبعضهن بالسرقة أو الضلوع في الاتجار بالبشر وبالمخدرات. وقبل بضعة أشهر، أطلق سراح امرأة كانت متهمة بالإرهاب.

بعضهن مسجونات مع أطفالهن. ويؤوي السجن 19 طفلاً يركضون بين المزلاق والحضانة.

تروي بينتا س. المرأة العشرينية التي أدينت قبل سنتين بتهمة الاحتيال: «حين وصلت إلى هنا، كان (ابني) طفلاً، ولم يكن بإمكاني تركه مع شقيقتي في المنزل، فعمرها أربع سنوات فقط».

يأتي رفيق بينتا لزيارتهما عدة مرات في الأسبوع، يصطحب ابنه نبيل في جولات على الحيّ في السيارة. وحين يعود إلى السجن، يبكي الولد.

تقر مريم التي حكم عليها بالسجن عشرين عاماً لقتلها قرينة زوجها الثانية «الخطأ بشري، لا أحد منزّه في الحياة» وتضيف «لكننا بحاجة إلى عفو رئاسي، الوقت طويل جداً هنا!».