الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

خط الغاز النيجيري.. هل ينقذ أوروبا من التبعية الروسية؟

خط الغاز النيجيري.. هل ينقذ أوروبا من التبعية الروسية؟

سفينة عائمة لتخزين النفط والتفريغ تابعة لشركة توتال قبالة سواحل نيجيريا. (أ ف ب)

في الوقت الذي تتزايد فيه مخاوف الأوروبيين من وقف روسيا لإمداداتها من الغاز الطبيعي، التي تشكل 40% من الاستهلاك الأوروبي، تتجه الأنظار إلى خط الغاز الطبيعي، الذي ينتظر أن يوصل غاز نيجيريا، صاحبة أكبر احتياطي في أفريقيا، إلى أوروبا، إذ ينظر إلى هذا المشروع باعتباره المنقذ المستقبلي لأوروبا من التبعية الروسية، في وقت يلقى فيه اهتماماً دولياً كبيراً من أجل تمويله.

وأعلن عن مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب في ديسمبر 2016، بمناسبة زيارة ملك المغرب، محمد السادس، إلى أبوجا، ثم أطلقت دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع في مايو 2017، وتم التوقيع على المشروع في يونيو 2018 في العاصمة المغربية الرباط، خلال زيارة رسمية للرئيس النيجيري، محمد بوهاري، للمغرب.

ويمتد خط الغاز، الذي يربط بين نيجيريا والمغرب، ويصل إلى أوروبا في وقت لاحق، لمسافة 5660 كم، ويستغرق 25 سنة، ويمر عبر دول بنين، وتوغو، وغانا، وساحل العاج، وليبيريا، وسيراليون، وغينيا، وغينيا بيساو، وغامبيا، والسنغال، وموريتانيا. وسيكون المشروع امتداداً لخط أنابيب ينقل بالفعل الغاز من جنوب نيجيريا إلى دول بنين، وغانا، وتوغو، منذ 2010، بحسب وزير الموارد البترولية في نيجيريا، تيميبري سيلفا، الذي تحدث، الاثنين، عن اهتمام دولي كبير، ومن قِبل مستثمرين، بتمويل المشروع.

بديل للغاز الروسي

وقال الخبير الاقتصادي المغربي، محمد شيكَر، إنه إذا اشتغل أنبوب الغاز الطبيعي القادم من نيجيريا، ستنوع أوروبا إمداداتها من هذه المادة الطاقية الاستراتيجية، وعندها إذا حدثت أزمة مع روسيا، أو انتهى احتياطها من الغاز الطبيعي، فلن يكون لدى أوروبا إشكال.

تسريع المشروع

وأضاف شيكَر، في تصريحات خاصة، أن الظروف الدولية الحالية يمكن أن تدفع الدول الأوروبية إلى تسريع تنفيذ المشروع، وذلك من خلال توفير أسرع للتمويل، بدلاً من طلبه من البنك الدولي، مشيراً إلى أن الدول العظمى يمكنها أن تضغط على البلدان الأفريقية، التي لا يروق لها أن يمر منها الأنبوب، أو تشترط الحصول على حصة غاز طبيعي مجانية، من أجل كسب الوقت، لكن شيكَر أبرز في المقابل أن تنفيذ المشروع يتطلب المرور من مراحل معينة، من بينها القيام بدراسات لا يمكن تقليص وقتها، أو تجاوزها، حتى لا تحدث مشاكل في المشروع.

استفادة أفريقية

وأكد شيكَر أن للمشروع انعكاسات إيجابية على البلدان الأفريقية التي سيمر منها الأنبوب، حال تحقيقه، إذ سيتوفر فيها الغاز الطبيعي بثمن مقبول، وتستقطب استثمارات خارجية، في وقت تعتبر فيه أفريقيا هي المستقبل بالنسبة للصين، والولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي، وروسيا.

وتزخر أراضي نيجيريا، وهي بلد عضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، باحتياطات ضخمة من الغاز، إذ تصنف الأولى على مستوى القارة الأفريقية، والسابعة على مستوى العالم.

تخفيف التبعية

وفي المقابل، اعتبر المحلل السياسي التونسي، باسل ترجمان، أن خط الغاز الطبيعي النيجيري لن يغير بعد عمله من المعادلة، ولن يوقف التبعية الأوروبية لروسيا في ما يخص التزود بالغاز، التي تشغل كل المؤسسات الاقتصادية والحياة العادية في أوروبا، وأن الخط المنتظر لن يقوم إلا بتخفيف التبعية، نظراً للتكلفة العالية للمشروع، وحاجته إلى استثمارات كبيرة جداً، وإلى إعادة ترتيب شبكات نقل الغاز الأوروبية، التي تعتمد أساساً على نقل الغاز عبر أوكرانيا باتجاه دول الجوار في أوروبا، وليس العكس.

تحديات تعرقل المشروع

وأوضح ترجمان، في تصريحات خاصة، أن المشروع تواجهه مجموعة من التحديات، على رأسها التحدي الأمني والسياسي، الذي تعيشه نيجيريا، في ظل حالة من عدم الاستقرار السياسي تعيشها البلاد منذ أكثر من 20 عاماً، إلى جانب أن الأنبوب سيمر من مناطق صحراوية شاسعة، ما سيخلق، بحسبه، تهديداً؛ سواء من قِبل الجماعات الإرهابية الموجودة في تلك المناطق، ومن بينها شمال مالي، إضافة إلى أن وصول الأنبوب إلى ساحل المتوسط يحتاج إلى استثمارات مالية كبيرة جدا، وإلى تأمين جدي وحقيقي، لضمان عدم تعرضه إلى التهديدات الإرهابية، والتهديدات الأمنية، التي تعيشها نيجيريا، وغيرها من الدول.

اقرأ أيضاً.. أحد ثلاثة دقوا المسمار الأخير في النعش السوفييتي.. من هو شوشكيفيتش؟

تقييم سياسة الجوار الأوروبية

وبيّن ترجمان أن الاتحاد الأوروبي يقوم اليوم بإعادة تقييم سياسة الجوار، التي يعتمدها منذ عام 2004، والتي تقوم على التعاون مع دول الشمال، وتجاهل التعاون الاستراتيجي مع دول الجنوب، وهو ما يترجمه، وفق ترجمان، نقص الاستثمارات الأوروبية في دول الجنوب، والسعي في المقابل إلى إدخال دول شرق أوروبا في المنظومة الاقتصادية الأوروبية، لكن انطلاق الحرب في أوكرانيا دفعت نحو عودة الحديث عن تفعيل الشراكة مع دول الجنوب، في سياق يعيش فيه الاتحاد الأوروبي أزمة طاقيّة، ولا يملك بدائل.