السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

لماذا تعاكس أمريكا استراتيجية «حروب لا نهاية لها» وتعيد القوات للصومال؟

لماذا تعاكس أمريكا استراتيجية «حروب لا نهاية لها» وتعيد القوات للصومال؟

بايدن لم يسلم من الانتقادات خاصة أنه نفسه من اتخذ قرار الانسحاب من أفغانستان.

وافق رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، جو بايدن، على طلب مقدم من وزارة الدفاع «البنتاغون» خاص بإعادة نشر القوات الأمريكية في الصومال لمواجهة خطر جماعة الشباب الإرهابية، في خطوة تعاكس قرار سابقه، دونالد ترامب، الخاص بسحب جميع القوات الأمريكية من الصومال الصادر في عام 2020، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة لا تزال منخرطة في القتال ضد المتطرفين في جميع أنحاء العالم، حتى في ظل استمرار تداعيات الحرب في أوكرانيا. تزامن قرار بايدن مع إعلان فوز حسني شيخ محمود، برئاسة الصومال، الذي شغل المنصب ذاته خلال الفترة ما بين عامَيْ 2017- 2012، في خطوة تضمن إعادة تمركز القوات الأمريكية في شرق أفريقيا، واستعادة الوجود العسكري الأمريكي في الصومال، فضلاً عن إعادة تموضع القوات الأمريكية في أماكن أخرى داخل أفريقيا لتدريب وتقديم دعم آخر للقوات الصومالية في قتالها ضد حركة الشباب، التي تعتبر أكبر وأغنى فرع لتنظيم القاعدة المتطرف. ووفق مسؤول في الإدارة الأمريكية -رفض ذكر اسمه- فإن القرار الأمريكي يعيد أقل من 500 جندي إلى الصومال، بما يعني أنه لن يعيد القوة الكاملة التي كانت موجودة بالفعل قبل قرار الانسحاب الذي أصدره ترامب، والتي تقدر بنحو 750 جندياً.

انتقادات واسعة

وواجه قرار ترامب انتقادات واسعة، خاصة أن حركة الشباب أصبحت أقوى منذ ذلك الحين، فضلاً عن ظهور أدلة واضحة على أن الحركة لديها نية واضحة وقدرة على استهداف الأمريكيين، إذ أشار مسؤول في الإدارة الأمريكية إلى وجود أدلة أن حركة الشباب قتلت أكثر من 12 أمريكياً في شرق أفريقيا خلال السنوات الأخيرة، بينهم 3 في قاعدة عسكرية في كينيا مطلع 2020. المنتقدون لقرار ترامب يرون أن الانسحاب حقق مكاسب عملياتية لحركة الشباب -الفرع الصومالي القوي للقاعدة- غير أن بايدن لم يسلم بدوره من الانتقادات، خاصة أنه نفسه من اتخذ قرار الانسحاب من أفغانستان وسط انتقادات داخلية وخارجية مماثلة بعد عقدين من الاحتلال الأمريكي، ورغم استعادة طالبان السيطرة على البلاد خلال الأسابيع الأخيرة من الوجود الأمريكي، ما يرفع من احتمالية التحليلات التي ترمي إلى أن إعادة الانتشار الأمريكي داخل القرن الأفريقي يأتي لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد داخل المنطقة. حينما قرر ترامب الانسحاب من الصومال كجزء أوسع من نطاق إدارته الداعم لوقف تورط الولايات المتحدة الأمريكية في الصراعات العالمية وفق سياسته التي تهدف إلى إخراج الولايات المتحدة الأمريكية مما وصفه بـ«حروب لا نهاية لها»، بما في ذلك العراق وأفغانستان، أعادت إدارة بايدن القوات وفق اعتقاد من مسؤولين عسكريين بأن حركة الشباب تظل أولوية بالنظر إلى التهديد الذي تمثله، والذي يتطلب وجوداً أمريكياً لمواجهته، لا سيّما أن قرار الانسحاب جاء بنتيجة عكسية، وكلفة أكبر، خاصة أن القوات كان يجب أن تتناوب داخل وخارج البلاد تعرضت إلى خطر أكبر وفق رئيس القيادة الأمريكية في أفريقيا، الجنرال ستيفن تاونسند، الذي قال داخل الكونغرس، إن الوضع في حالة تراجع.

مواجهة الإرهاب

ويرى المسؤول في الإدارة الأمريكية أن تلك الخطوة -يقصد قرار بايدن بعودة القوات- تبرر الترتيب غير العقلاني السابق الذي ورثناه دون الإشارة صراحة إلى قرار ترامب، معتبراً أن قرار الأخير غير منطقي ويخلق مخاطر غير ضرورية على القوات الأمريكية أثناء تحركها داخل وخارج البلاد بالتناوب، نافياً أن يكون الوجود العسكري الأمريكي العنصر الوحيد في استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الإرهاب في الصومال، غير أنه لم يحدد إذا كان بايدن قد سمح بشن ضربات موجهة ضد قادة محددين من حركة الشباب الصومالية، فيما أشارت «نيويورك تايمز» إلى أن بايدن حصل على موافقة البنتاغون للحصول على سلطة دائمة لاستهداف نحو 12 من قادة حركة الشباب المشتبه بهم. المسؤولون التنفيذيون يرون أن التدخل الأمريكي في الصومال قانوني بموجب تصريح استخدام القوة العسكرية الذي أقرّه الكونغرس عقب 3 أيام من هجمات 11 سبتمبر، غير أن حركة الشباب أصبحت تابعة للقاعدة في عام 2012، الأمر الذي يفتح الباب أمام جدال لم يحسم من قبل أي من الأطراف باعتبار أن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2001 لا يغطي الصومال. المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، أدريان واتسون، تقول: «إن قرار نشر القوات مرة أخرى في الصومال، بدلاً من تناوبها داخل وخارج البلاد، يهدف إلى تعظيم سلامتها وتمكينها من تقديم دعم أكثر كفاءة لشركائنا»، وسط ترجيحات أن يقابل الانتشار الأخير للقوات الأمريكية في الصومال بدعم من الحزبين، غير أن الديمقراطيين اليساريين والليبراليين، وبعض الجمهوريين المحافظين يفضلون دوراً عالمياً أكثر تقييداً.