الجمعة - 07 فبراير 2025
الجمعة - 07 فبراير 2025

أين الجرعة الزائدة؟

قد تنتهي حياتنا كلها في غمضة عين بـ «جرعة زائدة»، لا تستغربوا، فنحن جميعنا قد نكون مدمنين بطريقة أو بأخرى، ونتعاطى يومياً مع ما قد يفقدنا أعز ما نملك في أقل من الثانية. لا يعني الإدمان بالضرورة أن ندمن المخدرات، قد نعاني أنواعاً أخرى من الإدمان السلوكي الذي لا يقل خطراً عن إدمان هذه الآفة، ويحتاج إلى علاج مثله مثل ذلك الإدمان. قتلت نفسها بتلك اللقمة الأخيرة من الطعام، على الرغم من تحذيرات الأطباء المستمرة لها من سوء صحتها ووزنها الزائد، ومن خطر الاستمرار في تناول أكلها بتلك العشوائية. هو، ذلك الشاب اليافع، انتهت حياته بسبب جرعة زائدة من المواد المخدرة، لكن، قبلها، وتحديداً في المنزل، كانت هناك جرعة زائدة من الإهمال والإهانات والضرب والإحباطات المتكررة أخذته مع الريح إلى نهايته. هي، تلك الفتاة الصغيرة، أنهت حياتها بجرعة زائدة من الأدوية المسكنة، لكن قبل ذلك، حدث أن أودت بها جرعة زائدة من الانتقاد والإحباط وتقليل الشأن والاحتقار في كنف أبوين منتقدين امتلأت قلوبهما بالحقد والكآبة. رجل مخضرم، أودت بحياته جرعة زائدة من العمل الذي أدمنه، فلم يشعر إلا وهو بين ذراعي الطبيب يلفظ أنفاسه الأخيرة إثر الأزمة القلبية التي أصابته فجأة وكان يظنها بعيدة. جرعة زائدة من الضغط النفسي والعصبي دفعت بذلك العامل إلى أن يلقى حتفه منتحراً حرقاً، وليته رحل وحيداً، بل حرق معه من حرق. جرعة زائدة من الجهل والتزمت والانغلاق والعنصرية، ألقت بذلك الشاب في طريق الإرهاب، ففجر نفسه ومن معه. إدمان المخدرات أمر واضح ومحدد، أما أنواع الإدمان الأخرى خفية، بل قد تبدو أموراً عادية، وهنا تكمن المصيبة، فلا تدعو «جرعة زائدة» تغلبكم وأنتم لا تشعرون. [email protected]