الأربعاء - 14 مايو 2025
الأربعاء - 14 مايو 2025

لماذا يسخطن على المجتمع؟

«لا يمكن أن تجتمع الفضيلة والرذيلة في قلب واحد». القارئ المتعجل سيقبل هذه الفرضية من دون تفكير .. لكن القارئ المتأني المتمعن، سيتوقف عندها لبعض الوقت، ليفهمها أكثر، ويقلبها في رأسه، ثم يقيمها بمعاييره الخاصة، ويحدد ما إذا كانت صائبة أم خاطئة. قبل أيام قليلة .. كنت أفكر في أمر فتاة لفتت انتباهي في مواقع التواصل الاجتماعي .. تكلمني عبر الرسائل الخاصة باحترام وتهذيب كبيرين .. لا تبدأ كلامها إلا بالتحية، ولا تذكر الاسم من دون ألقاب .. لكنها في حواراتها المتشنجة دائماً مع مخالفيها عكس ذلك تماماً، ولا تتوانى عن استخدام أقبح الألفاظ، وأكثرها بذاءة معهم. ولأنني أكن لها بعض التقدير، لم أشأ أن ألغي متابعتها من دون تقديم تفسير لهذه الخطوة .. فكتبت لها معتذراً، ومبرراً «سعدت بمتابعتك خلال الأشهر القليلة الماضية، ولأن نمط كتاباتك والألفاظ التي تستخدمينها في حواراتك مع مخالفيك لا تناسبني .. قررت آسفاً أن ألغي متابعتك .. لك مني خالص الود، ووافر الاحترام». بعدها بقليل جاءتني منها رسالة، تقول فيها «الأستاذ عبدالله .. أتفهم قرارك، وأنا آسفة لما سببته لك من صدمة .. لكن ثق تماماً أن الإنسان نتاج الظروف التي نشأ فيها .. فأنت مثلاً راضٍ عن المجتمع .. لأنك كما يبدو لي نشأت في ظروف طبيعية .. وحظيت برعاية كبيرة من أسرتك .. ولم تتعرض لأي عنف منهم .. عكسي أنا». بآخر كلمتين في الرسالة أوضحت لي بشكلٍ أو بآخر .. أن هذه الفتاة تعرضت في فترة من حياتها .. أو ما زالت تتعرض لعنف أسري .. جعلها تكره المجتمع، وتفرغ طاقتها السلبية في كل من يخالفها الرأي أو يستهتر بمعاناتها .. وهو أمر يجب أن نأخذه في الحسبان، قبل أن نقيّم سلوكها، أو نصدر عليها أي حكم .. كان الله في عونها. [email protected]