الاحد - 19 يناير 2025
الاحد - 19 يناير 2025

التشاؤم

الاكتئاب تشاؤم، الحزن تشاؤم، التشاؤم تشاؤم، لدى الكثيرين، ولا أعلم السر في ذلك، هل كل شعور لا يشابه السعادة هو تشاؤم؟ ما أعرفه أن التشاؤم هو ضد التفاؤل، ويأتي بإرادة الشخص الذاتية، وليس كالحزن أو الاكتئاب الذي يأتي نتيجة لمتغيرات تحدث للمصاب بهما، فلماذا يساوَى بين هذا وذاك دون التفات إلى المعاني اللغوية أو الشعورية لكل من تلك المصطلحات الثلاثة. ما زلت أذكر إحدى رفيقات الدراسة الجامعية، وهي تنظر نظرة غضب لطيفة إليّ واصفة الحزن في قصائدي حينها بالتشاؤم، ما زلت أكرر في نفسي ما قلته، في نفسي وقتها، إن الحزن ليس تشاؤماً، وإنني أكثر شخص متفائل في الدنيا. هذا الإصرار العجيب على الخلط بين المعاني ليس له حلّ قريب، فرغم كل الصرخات التي نطلقها ونحن نحاول الدفاع عن أنفسنا وعن اللغة، شارحين كل مفردة للذين يكيلون لنا الاتهامات بالسوداوية وما شابهها، لم نستطع حتى الآن أن نقنعهم بعكس ما يظنون، لنعود أدراجنا بخفي حنين، ونحن نردد في قلوبنا، مواسين أنفسنا ولو قليلاً: «هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون». ونتيجة لهذه العادة، فإن الكثير من الذين يملكون موهبة الكتابة يتجنبون الحديث عن الحزن أو حتى ممارسته في وسائل التواصل الاجتماعي، عدا الحزن الجماعي الذي يأتي مرافقاً لأحداث معينة. يصبح الكتمان عادة، وادعاء الفرح عادة أخرى، تصبح السعادة غطاء اجتماعياً ضرورياً للاستقرار في المجموعة، المجموعة التي ترفض أن يكون الحزن والاكتئاب شيئاً آخر غير التشاؤم المذموم الذي يعد لديهم من المحرمات شرعاً، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى الكثير من العزلة، والقليل من الكلام، والإصابة بالتبلد الشعوري، ربما بالغت قليلاً، ولكن قد يحدث. فقط أقول: اللغة أشد سعة من ضيق فهمكم لمعاني كلماتها، افتحوا المعجم واستمتعوا بالمعرفة. [email protected]