الاثنين - 13 يناير 2025
الاثنين - 13 يناير 2025

أرح قلبك

يشكو بعضهم برغم وفرة الخيرات والنعم من ضيق وهموم متتابعة، وتعب حقيقي لا يعرف سببه، ولعل أحد أسباب هذا التعب عدم إراحة القلب، فالقلب ملك الأعضاء إن عوفي من الأمراض الحسية والمعنوية ارتاح العبد بإذن الله. والنقطة التي أود التنبيه عليها هي النظر إلى هذا القلب وإشغاله بالإيمان بالله وتحقيق التوحيد واليقين وحسن الظن بالله، فحتماً ستكون الحياة بعد ذلك مختلفة إن شاء الله، فالقلوب المعظمة لله والمعمورة بحبه والأنس بطاعته تشعر بأنها في جنة عظيمة معجلة ولو كانت الظروف المحيطة بالإنسان فيها ما فيها، ومن ظن أن سعادة القلب وراحته بالأمور المادية فقط فلم يوفق في تفكيره للصواب. ومن أسباب راحة القلب وسعادته أن لا نفكر بشكل سلبي في الأمور التي ستقع في المستقبل، فبعضهم يتعب نفسه بالتفكير في مسائل الرزق ويتساءل: كيف ستكون صحتي بعد سنوات؟ هل سأصاب بمرض خطير؟ وماذا أصنع برزق أولادي؟ وماذا عن غلاء الأسعار بعد عشرين سنة؟ ونسي أن الرزق بيد الله تعالى. وعلى العبد أن يسعى في طلبه ويتوكل على رب العالمين فهو الرحمن الرحيم الرزاق، وأما هذا التفكير فقد يوقع الإنسان في هموم عظيمة لا حصر لها، ومن الناس من يصاب بأمراض ويتعب نفسه ومن حوله بسبب هذه الطريقة السلبية في النظر للمستقبل. ومن أراد راحة قلبه فعليه بحسن الظن بالناس وسعة الصدر عليهم واستخدام التغافل والحلم والأناة معهم، فالغضب وإساءة الظن بالآخرين وكثرة العتب والحسد من أعظم أسباب ضنك العيش وضيق القلب وعدم راحته، وتأملوا في عبارة جميلة قالها أحد الصالحين من أهل زماننا: «إني أنام في الليل وليس في قلبي غل على أحد».. فهكذا هي القلوب المطمئنة الطيبة التي تطهرت من الغل والبغي والحسد، والعاقل ينظر إلى محاسن من حوله ويتغاضى عن الهفوات اليسيرة ولا يعقد المقارنات الجائرة، فعند ذلك سيشعر براحة في قلبه وسعادة في حياته. [email protected]