2018-05-09
حفرة دون قعر، وتلك ليست نظرة سلبية عن ماهية التكنلوجيا الحديثة بل هي في واقع الأمر وصف عادل لما يمكن أن يكون عليه هذا الجسد الرقمي الذي يتسلل إلى أجسادنا وأفكارنا وممارساتنا بشكل متسارع وغير مسبوق في تاريخنا البشري.
يبدو الأمر مرآة سوداء حقاً تبتلع الأصل والصورة وتحدد لهما مساراً مختلفاً فيما يصدق فكرة الحتمية التكلنوجية لصاحبها مارشال ماكلوهان، ونحاول نحن من خلال ما أتاحته لنا التقنية بأدواتها التي تفوق ما قد يصنعه الخيال أن نفسر هذه الظواهر بل نستشرف ما قد تفعله بوجودنا على هذا الكوكب.
مرايا سوداء هو مسلسل يناقش ماسبق ذكره من خلال حلقات منفصلة كتبها وأنتجها تشارلي بوكر وعرضت عام 2011 على القناة الرابعة البريطانية وأتيحت للمشاهد العربي من خلال خدمة الفيديو حسب الطلب، وهو يحكي قصصاً أبطالها شرائح إلكترونية قابلة للزرع والتتبع والتغيير، وأنظمة للمفاضلة على غرار نظام النجوم الذي يحدد مدى تفوق سلعة أو خدمة ما وفق تقييم المستخدم لها، باستثناء أن النجوم هذه يحصدها الأفراد لا الأشياء، وكل ذلك ليس محض خيال بل هي قصص مستوحاة من الواقع قابلة للإضافة والتمدد والاستشراف.
ولأقول لكم إن هناك من زرع شريحة في يده في هذه البقعة من العالم لأغراض فتح باب السيارة أو التحكم بإنارة منزله وهو ينتظر دوره لزرع أخرى في دماغه، أما فكرة تحويل الأشخاص إلى أشياء تتعرض للتقييم فهي موجودة في الصين التي بدأت منذ العام 2017 هذه الخطوة لتكون إلزامية بحلول 2020، دون أن ننسى ذكر أن كل ذلك يجري تمويله من خلال شركات ضخمة تعود ملكية بعضها لمجموعة استثمارية شهيرة تمارس نشاطها عبر الشبكة الإلكترونية.
التكنلوجيا وتأثيرها على النفس البشرية موضوع محوري ولا أدري إن كان منتجو الدراما العربية قريبين من هذه المسائل التي تقول الكثير عنا وعن مستقبلنا، على اعتبار أن الدراما لا يجب أن تعكس واقعا بل وتتحداه أيضا من خلال تشريحه وتفسيره والبناء عليه، هذا إذا كان المنتج والكاتب والمخرج والممثل يؤمنون بهذا الدور الذي تلعبه الدراما الغربية وتشد إليه المتلقي العربي، أوعلى أقل تقدير يطلعون على الحياة من حولهم خارج صندوق التقليدي والمكرر الذي نغرق فيه في كل موسم دراما يصادف شهر رمضان الفضيل.
[email protected]