الاحد - 09 فبراير 2025
الاحد - 09 فبراير 2025

نساء يرهقن الجيوب

ما إن يحين موعد الشهر الفضيل وما يصحبه من روحانيات خاصة، حتى تتغير المشاهد والفصول في الحياة اليومية، فكما تمتلئ المساجد بالمصلين ويتكدس الرجال في المجالس الرمضانية تغص الأسواق بالمتسوقين وخصوصاً السيدات، استعداداً لهذا الموسم وما يتبعه من عيدٍ لا يكون سعيداً لهم إلا بعد استنزاف ما في الجيوب. الماراثون ينطلق من موائد الإفطار والسحور فبعد أن كان رمضان هو شهر الطاعات الذي تكثر فيه الزيارات لتحقيق غاية صلة الأرحام ونيل الحسنات، بات الأمر مختلفاً ليكون الهدف التفنن في طرق تقديم الطعام وعدم الاكتفاء في إعدادها منزلياً بل جلبها من أرقى مطاعم الضيافة والحلويات ليبدأ فصل جديد من فصول البذخ الموثق على وسائل التواصل الاجتماعي. ولا يكتمل التزاور أو ما يعرف بـ «غبقة رمضان» إذا لم تكتمل الزينة والأزياء الرمضانية. فتتنافس النساء على الملابس والأحذية والإكسسورات التي تبدأ أسعارها في الغالب من خمسمئة درهم في المحلات العادية إلى أخرى تبدأ من ألف درهم لأنها تحمل توقيع المصممة الفلانية، وتعرض في معرض فخم تقص شريطه أشهر الفاشينيستات، ولا يلتفتن إلى ذلك المسكين الذي يدفع الرزمة تلو الأخرى وسط قائمة من الطلبات التي لا تنتهي. بطبيعة الحال الأمر لا ينطبق على الجميع إلا أنه يشمل الأغلبية من الفتيات والسيدات اللاتي يستهدفن من قبل قراصنة الجيوب ممن يتفننون في عرض سلعهم وخدماتهم بأسعار مضاعفة، فتبدأ المناوشات مع ربّ الأسرة الذي لا يملك إلا أن يضرب الكف بالكف ويغرف من الجيب ليلبي احتياجات الزوجة والأولاد، والتي إن لم يرضخ لها تسقطه في دوامة الخلافات والمقارنات وتصل في بعض الأحيان إلى نهاية غير سعيدة. ووسط كل هذه المبالغات تبان الحلقة المفقودة «التوعية بالاعتدال والقناعة»، فتتضح الحاجة إلى العودة للبساطة وعدم المبالغة، إلى جانب تفهم ظروف العائلة وتعويد النفس على الانضباط في الصرف والزينة وعدم الانجراف وراء المظاهر والتقليد الأعمى للأخريات وإدراك أن لكل مناسبة المظهر الذي يناسبها. وهنا يأتي دور الجهات المهتمة بالمرأة لتعميم التوعية وتثقيف النساء بهذا الشأن عبر الأدوات المختلفة، كما يتوجب على المعنيين بالرقابة على الأسعار إيلاء المحال الخاصة بالسيدات اهتماماً أكبر لضبطها، فلا يعقل أن يترك الأمر في يد بعض الباعة الذين يضاعفون المبالغ في هذه المواسم تحديداً، وقبل ذلك كله لا بد أن تعي بعض النساء أنهن شريكات في تنمية المجتمع والارتقاء به وبمفاهيم الذوق فيه، ومن واجبهن أن يكنّ عوناً للأسرة لا عالةً عليها نتيجة الجري وراء الكماليات. إعلامية m. alraeesi@alroeya. com