الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

شكوى

مَن فينا لم تَعتصرْ قلبَه آلامُ الأيام؟، ومَن ذاك الذي ينجو بروحه وجسده مِن أوجاع الحياة؟، لا مَهْرَب مِن كلّ ذلك، لأن الألم بأنواعه والوجع بأشكاله طبيعة الحياة ولازم لا يفارقها، ولأجل هذا كانت الشكوى صفةً ملاصقة للإنسان، قد يعلو صراخُه، وقد تخْرج شكواه في صورة دمعة أو همسة لأحدهم. يُبرر الشاكون شكواهم بضرورة البوح لصَديق ينصت لأصواتهم فقط، وليس المطلوب مِنه بالضرورة أن يقدّم المساعَدة، حالهم في ذلك كما قال الشاعر بشار بن بُرْد: ولابُدَّ من شَكْوَى إِلى ذي مُروءَةٍ يُوَاسِيكَ أَوْ يُسْلِيْكَ أو يَتَوَجَّعُ أمّا الصامتون عن الشكوى فقد اختاروا الصمتَ لأسباب تخصّهم، وهم يرونها أسباباً صائبة، ويعتقدون بعدم فائدة الشكوى. يتردد بين الناس القولُ الشائع: الشكوى لغيرِ الله مَذَلّة، وهذا صحيح إذا صَرَفَ الإنسانُ شكواه للناس، ونسي أو تناسى الانطراح بين يدي الله تعالى، ورفْع الحاجات إليه جَلّ جلالُه، وبعد ذلك لا تثريب على مَن وثق في رفيقٍ طبْعه الصدق والوفاء، وبثّ إليه شكواه، أو سأله رأياً ومعونة. يا حبيبة القلب، لربما اغتالت الظروفُ فرحةً لم يُكتَب لها الاكتمال، أو أطاحت بأحد أحلامي عواصفُ الزمن؛ فوجدتُ نفسي أجري إليكِ، ألتمس الطمأنينة في حديثك، أبوح لكِ بالشكوى، لتنسكب مواساتُك غيثاً تُزهرُ به جنائنُ قلبي، وتتلاشى الوعثاءُ مِن طريقي، وتشرق شمسُ الأمل في سماء حياتي، لأنطلقَ قوياً متفائلاً. [email protected]