الاحد - 16 مارس 2025
الاحد - 16 مارس 2025

«بيساويه»

عُمَر ذو الأعوام الثلاثة، لا يحب الكم الطويل، ولا ملعب الكرات الخضراء، علماً بأن أخته تحبها، خصوصاً لو كان بجانبها طبق أرز عليه زينة العيد، احتارت الأم في أمره، فقررت أن تُعِدَّ له طبقَه المفضل، وهو أرز ودوائر. عجبت لمعجمهم اللغوي، عندما فهمت من السياق أن كل ما ذُكر، كان أسماء أطباق معروفة، لكن ثقل اسمها على لسان الصغار، جعلهم يختارون لها أسماء يرتاحون لها، واتضح أن طبيخ الفاصوليا الخضراء، هو ذاته «الكم الطويل»، وأن ملعب الكرات الخضراء، هو طبيخ البازلاء. أما الطبق المفضل لعُمَر، فهو طبق «المجدرة»، ومكوناته: أرز مخلوط بحبات العدس البني، غير المقشور، فيبدو كدوائر تتخلل الأرز، وهو ما أوحى له بتسميته «أرز ودوائر»، وهناك من الأطفال؛ من تستهويه الأسماء مقلوبة، فالكرسي يصبح «روكسي»، والكرز يصبح بقدرة قادر «رَكَز»، أما البطيخ، فيتحول على ألسنتهم إلى طبيخ .. ومهما حاولت معهم التصحيح، فلا فائدة ولا طائل، إلا أن والد أحمد الصغير، وجد حلاً معه، جعله يلفظ كل الأسماء لفظاً صحيحاً من دون قلب .. كعادته، أما الطريقة: فهي في متناول الجميع، ولا تحتاج إلى اختصاصي نطق. كل ما فعله والد أحمد، هو، قلب الأسماء، فعندما يعيدها ابنه من بعده، تلقائياً تعتدل، فيقول الأب لابنه: هذا روكسي، يعيدها الطفل بتلقائيته «كرسي»، فتستقيم الأمور، ونضحك نحن، ولأننا نُعَلِّم الأسماء لأطفالنا مفردة: فهذا كلب، وهذا حمار، وذاك لون جميل، فإنهم إن وجدوا منها مجموعة، جمعوها باجتهادهم، وحسب قياساتهم، فيصبح في الجمع: كَلْبين، وحميرين، وألوانات جميلة، وهم في الأغلب يشعرون أن الكبار ربما عجزوا عن وضع صيغة الجمع لهذه الأسماء، فأرادوا أن يضعوا بصمتهم في قاموس العربية. وعلى طريقة الصغار هذه، من الطبيعي أن يتحول «سيبويه» على ألسنتهم إلى «بيساويه»، فليسامحهم. [email protected]