2018-05-20
مقلتان جامدتان، كفَّان جاحدتان، وقلبٌ جبان، وقطيعُ غربان، ومجموعةُ شُبَّان، وربما شبه إنسان! يحمل جثة تفوح منها تنهدات عفونة ونتانة، ولهذا حاول دفنها حوله أو في مكانه، قبل أن يراه أحد، حتّام نسي عين الواحد الأحد، ولكنه كلما حاول دسها تحت التراب، قفزت خارجه من دون اضطراب، وكلما استعد لقذفها في أعماق البحر سبحت أعلاه تطفو كالسحر، وهكذا استمر الدفن وإعادة النحر، حتى ساءت رائحتها والتصقت به، إلى أن فاحت من قلبه، فتذكّر فجأة قول ربه، (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون).
أخبره رفيق السوء بألا يهتم بكلام الناس، وأن يجاهر معه بالمعصية وبالوسواس، لكنه أبى أن يكابر بالمعاصي، قال نعم أنا بالفعل عاصٍ، لكن المجاهرة ليست اختصاصي، فخطئي لا يعني انتقاصي، وتوبتي لا تعني قصاصي، وإنما سرعة خلاصي، ثم تمتم راحلاً (ويذرهم في طغيانهم يعمهون).
دموع في الفضاء، تغسل الروح قبل الأعضاء، وتُحفِّز النفوس البيضاء، حيث لم تكن تلك (الجثة سيئة) ولا حتى جيدة، وإنما كانت هي بذاتها (جثة السيئة) والمعصية، التي لا يدفنها سوى التوبة النصوح والاستغفار، والابتعاد عن الذنب ومقاعد النار، فهذا هو الانتصار.
وقعت هذه الأحداث بين (جثة سيئة) و(جثة سيئة) فكانت النتيجة (حسنة) وغير (سيئة) بالمرة.