الاحد - 23 مارس 2025
الاحد - 23 مارس 2025

القراءة والشك

في جلسة جمعتني مع مجموعة من الأصدقاء، سألني أحدهم «هل كثرة القراءة من شأنها أن تغرس بذرة الشك في عقل الإنسان؟». سألته «لماذا طرأ هذا التساؤل على بالك؟». أجاب «لأن الإنسان القارئ يصبح بمرور الوقت صعب المراس، وليس من السهل إقناعه بأي أمر، وكثيراً ما يتمرد على تعاليم الدين، ويدخل في صدامات عنيفة مع الثقافة السائدة في المجتمع». بعد تفكير قصير، أجبته «القراءة الجيدة ترتقي بالوعي، والوعي يرتقي بالإيمان.. والتغيرات التي تلاحظها في سلوك الأشخاص القارئين، قد تكون ناتجة عن تعمق نظرتهم للإيمان.. والقارئ الواعي، لا يتمرد على الدين، بل على الفهم الجامد للدين». تأملت تعابير وجهه، فلمحت فيها حيرة وعدم فهم.. فأكملت موضحاً «الوعي ركيزة أساسية للإيمان الصحيح.. وبدونه، قد يضل الإنسان في سعيه إلى نيل رضا الخالق عز وجل.. فيحرم نفسه من مباهج مباحة، ويبيح لنفسه كبائر محرمة.. ورأينا كثيراً في الثلاثين سنة الماضية شباب في عمر الورد يتشددون في تحريم الموسيقى والغناء، ويستسهلون قتل المخالف لهم في الدين والعقيدة». ولأهمية سؤاله.. لم أتردد في تخصيص هذا المقالة للحديث عنه.. فحاجة المجتمعات المسلمة اليوم إلى الوعي، لا تقل عن حاجتها إلى المأكل والملبس والمسكن.. وآن الأوان أن نتقرب إلى خالقنا بنشر الحب، وتذوق الجمال، وتعزيز السلم، وصناعة الأمل، وإعمار الأرض، وخدمة البشرية.. جنباً إلى جنب مع العبادات المفروضة علينا كمسلمين.. هكذا تتوازن حياتنا، ما بين دنيا نعيشها، وآخرة نعد العدة لها. أما صعوبة المراس التي يلاحظها البعض في المثقفين، فهي ناتجة عن إخضاعهم كل فكرة جديدة تتسرب إلى عقولهم للدراسة، والبحث، والتحليل.. قبل الموافقة عليها.. وهو أمر إيجابي في المجمل، لأنه يحمي عقولهم من أي أفكار خاطئة قد تتسلل إليها في لحظة غفلة، وتتحول بمرور الوقت إلى قناعات، ومسلمات. [email protected]