الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

رمضاننا بين المعسكريْن

تجري أيام رمضان لاهثة، ولا تنظر لما مضى منها، بل تحث خطاها وهدفها إلى الأمام؛ بهدف الفوز بموعد ليلة القدر، ويعلم الزمن هذا الموعد مسبقاً، فيضع له العلامات للمترصدين لها، باستكشاف أمارات الليلة العظيمة، وبسبب حلاوة هذه الأيام فهي تنفلت من بين الأصابع كانفلات الماء، متسرباً خلال مسامات الرمل الجافة. وينقسم جمهور رمضان المحب له إلى معسكريْن؛ الأول خيام القرآن والقيام، والثاني خيام الدخان والطعام، وأنت مخير بين الخيمتين، ففي الأولى لا تألو الإذاعات والتلفزيونات في إعلان أئمة خيام التراويح، وخطباء رمضان ودعاته وواعظيه، الذين ينحدرون من شتى بقاع الأرض، مدعوين من قبل الأوقاف والعمل الخيري، والمراكز الإسلامية الخاصة بالجاليات الإسلامية والأجانب، والجمعيات الخيرية مدعومين بمشاريع المير الرمضاني، وفعاليات إفطار صائم من أهل الخير والعطاء. تتنوع فعاليات العمل الخيري، وتستقطب حشداً هائلاً من المسلمين، والتائبين، والبكّائين، والمحبين لترك بصماتهم على هذه الخيام، ويرتاد الآباء مع أبنائهم؛ ليتعلموا الصدقة والعطاء، والخير ويتحلوا بأخلاق المسلم الحق، ويستمعوا إلى الدعاة ويتعظوا بقصص الأنبياء والصحابة، وأثرهم الخالد، ولا تخلو هذه الخيام من الترفيه بالمسابقات، والفقرات الإنشادية، والهدايا والمفاجآت، وفي مسجد قريب، كان يحرص أبناء المنطقة على ارتياد هذا المسجد تحديداً، وعلى صلاة التراويح، وكنت أرى الازدحام حوله، وعرفت أن صاحب المسجد خصص مكافآت مالية، لثلاثة أسئلة تطرح بعد التراويح. أما تلك الخيام المخصصة لما لذ وطاب والملوث بالدخان؛ فلا تحتاج للتسويق أو الدعاية، ولا للإعلام ولا يقع فيها غير من هم على شاكلة بعض، فيكفي صديق مغرِر؛ ليدعو آخر مغرَراً به، وهكذا يتجمع المتجانسون في حب صرف هذه الأيام المباركة، فبعمل ما يسيء إلى شهر رمضان، ويسيء إليهم، ولا شيء سيمحو ذنوبك غير ركعة في طيّة كل ليلة. [email protected]