الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

تعزيز السلم وازدهار المجتمعات العربية

من الموضوعات المهمة التي يطرحها منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة يومي 18 ـ 19 ديسمبر الجاري هو تعزيز السلم وازدهار المجتمعات، على الرغم من امتداد جذور السلم ومبادئه عميقاً في التاريخ العربي، لكنه يظل معضلة من المعضلات التي تواجهنا. هناك تجاهل كبير لقضية السلم وسط تصاعد موجة الإرهاب في العالم العربي وامتداده إلى الغرب. إن ما طرحه العلاّمة عبد الله بن بيه رئيس المنتدى في مداخلاته المتعددة يؤكد أن الأوضاع في العالم العربي تفاقمت واشتدت النزاعات فيه واستفحلت، وصار القتل والقتال عملة وسلعة رائجة، ولا سبيل إلى حل هذه المشاكل إلا من خلال الحوار. وأصبحت التعددية المسار المؤدي إلى الديمقراطية الحقيقية تستوحي قوانينها من الواقع المُعاش، لم يعد العالم العربي معزولاً بفضل العولمة والعالم الإلكتروني عن العالم. من هذا المنطلق يمكن تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة مع احترام التعددية الدينية. لذا، فإن الدولة يجب أن تكون قوية لأنها الضمانة الوحيدة لحماية الأقليات الدينية التي تعيش في العالم العربي. وقد رأينا كيف أن الأقليات الدينية اضطرت للهجرة عن بيئتها الحاضنة الحقيقية إلى أصقاع الأرض كما حصل في كل من العراق وسوريا بعد تصاعد موجة الإرهاب وسيطرتها على مناطق ومدن ما أدى إلى تهديد السلم في هذه المجتمعات. الإرهاب ساعد ليس على تدمير البنى التحتية فقط بل مزّق النسيج الاجتماعي، اللحمة الضامنة لتعزيز السلم. لم يبق لدينا سوى الحوار باعتباره مدخلاً لتعزيز السلم في هذه المجتمعات، والتقارب بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية، لأن ذلك من شأنه أن يقطع الطريق على المتطرفين. وكما طالب جان جاك روسو بعقده الاجتماعي الشهير، لا بد لنا من الإيمان في الميثاق الداخلي والميثاق العالمي لتعزيز هذا السلم الذي أصبح المحور الذي تتبلور حوله المجتمعات المسلمة لأنه تعيش وسط عالم تسوده التعددية الثقافية والعرقية والدينية. ويأتي انعقاد هذا المنتدى وسط ضرورة وفي مستهل الجلسة الأولى التي تلت الافتتاح عُرضت إعادة النظر في موضوع «الدولة الوطنية في المجتمعات المسلمة»، كما أكد عليه رئيس منتدى تعزيز السلم، تناول علاقة الدولة بالدين، والرؤية الغربية لهذه العلاقة، ومن ثم مناقشة إسلامية الدولة من خلال ثلاث قضايا، تعلقت الأولى بالإحالة المتبادلة بين ما هو ديني وما هو دنيوي، وتعلقت الثانية بسؤال هل الخلافة تعبدية أم مصلحية؟، والثالثة في إطار شرعي للقضيتين الأوليين، ولزاوية النظر إلى قضية الدولة الوطنية، وهو ما يتحقق بمركزية المصلحة في تدبير الشأن العام. وأعتقد أن هذا هو جوهر المنتدى بكامله، لأنه يبني ويؤسس ويستشرف المستقبل في واقع عربي نحن في أمسّ الحاجة إلى هذا السلم الضامن الوحيد لازدهار مجتمعاتنا العربية. ولعل نموذج دولة الإمارات العربية المتحدة تُعتبر الرائدة الأولى في المنطقة.