الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الوعد والتجربة الأصولية

من شعار أستاذية العالم، إلى تغييره والثورة عليه، من البنا وقطب إلى الخميني ومن مقولات الانقلاب على التاريخ إلى الاقتدار عليه، والتعبير الأخير كان أثيراً لدى صدام حسين بينما الأول كان أثيراً لدى ميشيل عفلق ورسالته الخالدة، يستمر الوعد الأصولي لجماهيره بالنجاح والتحقق والانتصار .. ولكن التجربة في تاريخ كل الأنظمة المعرفية المنغلقة واللاتاريخية دائماً وغالباً كانت نتيجتها الانكسار والانحسار، من الخوارج إلى هؤلاء، وصولاً إلى الملا عمر والبغدادي. لا تقف الوعود الأيديولوجية لدى الأصوليات الدينية عند حل مشاكل الدنيا وأزمات العالم فقط، بتحقيق الرفاه والتغيير والعدالة الاجتماعية شأن الأيديولوجيات الوضعية الأخرى، لكنها أيضاً تسافر بوعودها نحو الخلاص آخر الزمان ونحو المخلص، والتمهيد لقدومه، سواء كان مسيحياً، كما كان عند اليمين المسيحي، أو مهدوياً كما هو عند العديد من الحركات الدينية في العالم الإسلامي وغيره. وتسقط كل جماعة وصف الطائفة المنصورة على نفسها، وأنها المصطفاة للقتال والنصرة مع المخلّص في حروب آخر الزمان، لتحقق تجربة تملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً وظلماً، وهي المقولات التي لم تنتظر آخر الزمان الذي لم يأت، بل ظلت تتوالى وتصعد منذ القرن الأول والثاني الهجري وكذلك منذ القرن الثالث الميلادي في التاريخ المسيحي. كما تتطابق منطلقاتها مع وعودها، وعدا بصلاح الأمة وتحقيق سعادتها وانتصاراتها، بل أحياناً بتحقيق الجنة على الأرض، تحقيق مجتمعات ودولة المدينة الفاضلة، أو استعادة يثرب القديمة في يثرب جديدة تعيد تجربة الصدر الأول في المدينة المنورة، مشتركاً بين كل دعاة الأيديولوجيا الأصولية الدينية، سنية وشيعية معاً. حسبنا أن نذكر أزمات المجتع الإيراني، الذي لا يزال إصلاحيوه المحافظون أصلاً مثل موسوي وكروبي وزعماء وقادة الحركة الخضراء قيد الإقامة الجبرية، الذي تعاني 800 قرية ومنطقة فيه من غياب المياه، الذي يقبل فيه الشباب على حرق أنفسهم أو حرق أسرهم في الشهور الأخيرة نتيجة البطالة، الذي ينتشر فيه الإيدز بمعدلات لم تعد سراً، نتيجة قذف الشباب في أتون حروب المنطقة في سوريا والعراق واليمن وغيرها بينما يتركون زوجاتهم وذويهم من دون عائل. [email protected]