الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

إبداع أوشو

في كتاب «الإبداع» للفيلسوف الهندي «أوشو» دعوة إلى الإنسان المبدع، فالمعافى هو الذي تنبثق فيه روح الإبداع، بينما المرضى غايتهم التدمير، ومن يدرك الانسجام في ثلاثية أبعاده: الوعي، والمحبة، والإبداع، ويتخلى عن الأنا إلى التماهي في ما حوله ابتداء بالبشر وانتهاء بالطبيعة، وكائناتها التي لا تُنزع منها صفة الحياة، وإن وصّفها الناظر المتجرد بالجامدة، ينتهي ليكون مبدعاً، ومتى أدرك ذاته الحقيقية، ومركزه لم يخشَ الموت، ولم يحتج إلى ممالأة الآخرين. ويعرض المؤلف نماذج وحالات متعددة هدفها تأكيد ما يقدمه، وتحفيز الروح الإبداعية، منها الإصغاء الذي يقدمه بطريقة فلسفية مؤداها أنك حين تصغي تصل إلى الله، ذاك الخالق المبدع الذي أنت السر الأول فيما أبدع للحياة، ويربط الإصغاء بالأذن التي يعتبرها أنثوية مقارنة بالعين التي تحمل الذكورة التي تبدي الناظر في موقف المهاجم، أما في الإصغاء فالشخص في موقف المتقبل والمتلقي لذلك تصاحب الموسيقى طقوس الصلاة في بعض الديانات، وفي المعالجة، فالمصغي لا يترك شيئاً يمر إلا ويصغي إليه، حتى ما تبوح به الطبيعة التي تكون للحساس مختلفة عما تكونه لسواه، أو لمن تملكته الأنا، فمن يستطع امتصاص الخضرة في الطبيعة يرفض السلوكيات العدوانية، وهم أنفسهم يتحولون إلى مبدعين لأنهم يصغون إلى الكون، ويغوصون فيه ويدركون ما يكنز من الأسرار. الأنا، أو الإيجو، كما يقول أوشو هي الموت، وموتها هو بداية الحياة الحقيقة، ومنها يبدأ الإبداع، أما المرء فليس بحاجة إلى مدارس لتعلّمه، إنه بحاجة إلى الولوج في ذاته، وإلغاء الأنا، وبعدها فكل شيء سيغدو جميلاً. الإبداع انسجام كليّ بالذات المنبثقة من نفس عرفت كيف تستغرق بالطبيعة المتناغمة حولها، لذا تسقط إبداعاتٌ يجهد أصحابها في إتمامها، بينما الحقيقيون يقرّون بعجزهم عن إكمال أعمال أفلت تجريبُهم المستمرّ انسيابَها العفوي، كما يفسّر الشاعر كولريدج الذي خلّف وراءه كثيراً من القصائد غير المكتملة. يوصي الحكيم «دع جسدك يسترحْ كقصبة خيزران فارغة». وللقارئ أن يتخيل العزف الذي ستبوح به تلك القصبة. [email protected]