السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

على ترامب أن يقرأ بتمعن

ما كان من ردود أفعال نحو الضربة الأمريكية البكر لمطار الشعيرات السوري ليست بغريبة عن السوري الحر، فلا هو يستطيع أن يشمت، وإن كان يحق له أمام مشهد أهم ما فيه غطرسة النظام السوري التي ذُلت تحت صفعة لم يكن ليتوقعها حين استمرأ الإجرام تلو الإجرام في المحارق والمجازر، وسحق أرواح البشر بمن فيهم الأطفال أمام عالم عُرفت عنه الثورة على ما يخصه، والعماء تجاه إجرام نظام لم يعرف أقذر ولا أوقح منه، ولا هو يستطيع أن يفرح، وهو السوري الذي يدرك فحوى أذى موجه لسوريةٍ يعتز بها، وإن كان سيصيب المتنصلين من الروابط والأخوة، وحتى وإن كان هو ممن تنكب بشكل أو بآخر. حيرة تفرض نفسها على ذلك السوري، فيرفض أن يهلل للصواريخ الأمريكية التي يعرف أنها ستقتل وستدمر بيوتاً سورية، وطائرات ومعدات حربية شيّدت بعرقه وبدمائه، لتصد عنه أعداء غريبين حين تقتضي الحاجة، وتحرق أشجاراً وطيوراً، وتكنس تربة تتنفس هوى سوريّاً، وسيتساءل: أين كانت أمريكا طيلة السنوات الست، وما الذي دفعها إلى الخرس المطبق تجاه ما جرى ويجري، وما الذي يدفعها اليوم إلى التحرك؟ غير أنه يثق بأنها تريد ممارسة لعبة الوجود بين من يدّعون القوة والحضور، بينما تحتفظ بدورها المتخاذل تجاه مآسي السوريين ودمائهم. السوريّ نفسه الذي شتته المنافي، وحتى من بقي في سوريا متقنّعاً وجهاً رماديّاً، أو مقتنعاً بولائه لنظام مجرم، يدرك تماماً أن أمريكا وروسيا وإيران وجميع قوى الشر التي تتآمر عليه، لن تتحول إلى صديق دافئ فجأة، وأنه مبتلى بنظام مجرم أعمته مصالحه عما جرّ إليه الأرض وشعبها من كوارث سيحمل تبعاتها زمناً لن يكون قصيراً، وأن تعبيد التشويه، وما عشش في أذهان أطفال سوريا من الخراب والألغاز، وأذرع الآباء وأحضان الأمهات الخالية، لن يخمد أنينها ضربة أمريكية، ولا سيدة نصّبت نفسها راعية اليتم السوري، وأن ثورة زلزلت تلك الأرض النقية ستظل يتيمة كأطفالها، وبساعدها ستسترد حقوقها، أما ما حملته تغريدة الطفلة «بانا العابد» لترامب على تويتر فهو أكثر من فرح عفوي، وعلى ترامب أن يقرأ بتمعن. [email protected]