الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

صـداع قطر .. ضـرورة تأديب الابن العاق

الصداع الذي تسببه دولة قطر بسلوكها السياسي لم يعد يمكننا معه تناول المسكنات لآلمه والمهدئات فمن الواضح أن عسر «الفهم» الذي أصاب الجميع يدفع لمرحلة جديدة، تضطرنا لمواجهة صريحة وواضحة لا مواربة فيها. فهذه الأشياء لا تموت بالتقادم، وإذا كنا نعيد كل مرة نفس الأشياء فلا يوجد ما يجعلها تنجح هذه المرة، لذا فالمهم اليوم هو مواجهة ومكاشفة صريحة لننتهي من هذه الأزمة المثيرة للإعياء. لماذا تقوم قطر بما تقوم به؟ حالتنا اليوم لا تسمح بهذه الأسئلة، ولكن لا مانع من تبيان أن قطر منذ انقلاب 1995 الذي قاده الأمير حمد على والده، وهي تعيش في حالةٍ من الشب عن الطوق والتغريد خارج السرب، واستخدام كل شيء، لتبدو أكبر من حجمها. قطر تحاول أن تثور على الجغرافيا فتحلم أن تتوسع وتصبح أكبر، وتثور على التاريخ فتحاول أن تنتسب لرجال غير رجالها وتحاول أن تسيطر على الدين فتصر على أنّ رؤيتها مقدسة لأنها تدعم بعض الجماعات والأحزاب التي تراها إسلامية، كل هذه الأشياء لا أقول كالهر يحكي صولة الأسد، ولكني أقول إنها محاولة للعب دور أكبر من حجمها، وهذه المحاولة تحولت إلى عادة، والعادة حكمت واستحكمت ووجدت طبعاً يلائمها، فتحوّلت هذه الدولة الصغيرة التي لا تعدو نقطة على خريطة العالم إلى رافعة تريد أن تستضيف كأس العالم (ونصفه لا يعرفها) وتريد أن تغيّر مصير العرب باستخدام منبر لمصريٍّ جنسته وظنت أن الناس يعبدونه من دون الله! جرعة زائدة من العظمة والغطرسة والطموح الذي شابته أحلام المراهقين، أضف إليها بعض أوهام الأحزاب التي تستغل الدين، مع قليل من خبث عضو الكنيست الهارب، يكتمل لديك خلطة الأشقاء الذين قطعوا حبائل الود وامتحنوا الصبر لسنوات طوال، وما عاد في الوسع إلا أن نقول للواحد منهم، حسبك أيها المسكين، لقد غرقت في شبر وتحسب نفسك بحاراً! أصابنا الصداع من أطفال الدوحة وهم يقسمون أن حساب وكالتهم مخترق، وأن أميرهم لم يقل هذا الكلام، قبل أن يطل الحساب مرة أخرى ويقول إنّ سمو الأمير تكلم مع روحاني وقال إنّه يطمح لتعزيز العلاقات بأكثر من أي وقت مضى؟ وماذا عن مقررات القمة التي كنت فيها قبل أسبوع! وماذا عن كلام الرجال ذاك الذي عقدوه؟ أم أن الأمر لا يعدو عن الاستهبال والاستغفال؟ يقع دائماً من لا يحترم الناس في سوء أعماله، هذه المرة فتحت قطر جبهة شقاق مع قائد الحزم، ولم يكن أحد يتوقع أن تنشر دولة قطر أكثر من ثلاث رسمات كاركاتيرية ضد قادة الخليج والملك سلمان تحديداً، الملك سلمان الذي يقود حرباً ضروساً في أكثر من جبهة، ترسمه الجزيرة ويرسمه عملاء الإخوان بشكل أستحي أن أذكره، أو أقوله، وهذا الأمر، لأننا سكتنا سابقاً حينما تعدت قطر على مصر وعلى الخليج كله. وهي كعادة المنتفخين من الإخوان المسلمين سكنتهم شهوة السلطة فصاروا لا يعرفون قدرهم. صحيح أن الصدر الواسع هو دأب الخليجيين، وكما قال الملك فيصل يوماً «نحن العسل الصافي لمن أراد صداقتنا ونحن السم الزعاف لمن أراد أن يعكر صفونا»، والمهم تماماً أن يدرك الذين يلعبون بقطر، أنهم أدخلوها في مضيق صعب، وأن عليهم أن يراجعوا أنفسهم تماماً. تحدث الناس عن إغلاق الحدود بين قطر والسعودية، وبغض النظر عن التصريحات إلا أن البعض في قطر قلل من أهمية ذلك، وبالطبع هم لا يتوقعونه، ولكنّي أراهن أن أعلاف الحيوانات ستصبح أغلى من أن يتحملها أحد ناهيك عن بقية الأشياء، وهذه الإجراءات الرادعة إذا ما صارت، لن تكون موجهة ضد شعب قطر الوفي، ولكنها ستساعد العقلاء على ضبط إيقاع المتفلتين الذين ينفخون في آذان قادة قطر ليرتكبوا مزيداً من الحماقات. فهم يدركون أن مجرد التلويح بإغلاق المجال الجوي سيجعل قطر تخسر كأس العالم. وأن مجرد تسليط الضوء على الإرهاب سيفاجئ حتى قيادات قطر، فالناس يفهمون ويدركون ولكنهم يريدون أن تكون المعالجة بأقل الخسائر. الخليجي قادر على تأديب ابنه العاق بالحكمة وبالمنع وبأشياء كثيرة، فكيف بطفلة مشاغبة؟ ولكن ليتم ذلك علينا أن نتصارح بوضوح حول سلوكها المشين، ولن نقبل بتعهدات ورقية ينقضها الموقع لأن أباه «عنده رأي آخر». [email protected]