الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

اليمن الحزين

ما إن يقفز اسم اليمن أمامك إلا وتتوالى صوره السعيدة التي قرأت عنها في كتب التاريخ بصفتك عربياً تأصلت العروبة في نبضه، وما إن تحضرك الحروب بأصابعها المشوهة التي تقبض على النظر منذ سنوات إلا وتصاب بالغثيان. أمام المشاهد الحية الموجعة التي تتداولها ساحات الإعلام، وأواخرها حرب الكوليرا التي هي إحدى أنياب تلك الأصابع البشعة، والتي مآسيها الآن تغطي ساحات الإعلام التي تتناقل أخبار اليمن تغدو معها العروبة أغنية حزينة مصابة هي الأخرى بالذعر خوف فنائها. ومن ذاك الذي يستطيع أن يتنصل مما يجري أمامه، وهو يتابع الموت يحصد الأطفال والبشر في أماكن الصراعات التي غدا التنبؤ بخواتيمها مستحيلاً، والموت الذي يستحدث ابتكاراته يبدو خصماً مشاركاً في المؤامرة تجاه بشر يصدف أنهم أصحاب حق بالوجود في تلك الساحات المتنازع عليها. فمن يسعون للسيادة على الكراسي أعوان طهران لا يعنيهم من يدوسون بأقدامهم، وفكرهم المتعطل تماماً مَردُّه أرواح هائجة كمجموعة ثيران استهيجت بحمرة الدم، فلا أنين المستضعفين يعنيهم، ولا تلال القمامة، ولا مياه الشرب التي اختلطت بمياه الصرف الصحي، ولا مسارح الديدان السود التي تسبح فيها ضمن استنفاد اليمني أية خيارات ثانية للحياة. كيف ستفسر للعطشان أن الماء ملوث، في وقت كل سبل الحياة السليمة في مجتمعه المتهاوي مؤجلة إلى أن يكتفي المجرمون من الدم، ويقتنعوا أن لا شيء أهم من الإنسان وأن من حق الإنسان أن ينطلق إلى الأمام، لا أن يرجع القهقرى إلى أمراض جهد من سبقونا من الأطباء والعلماء في دحرها. مرض الكوليرا الذي يفتك بأهل اليمن اليوم ليس إلا عار جديد يَصِمُ جباه الطغاة بميسم الإجرام، واستسلام طفل يمني إلى الموت كسيراً ليس إلا جريمة حرب أخرى تسجل ضد الانقلابيين الذين لم يكترثوا لأوجاع شعب كامل مقابل خيانة الوطن. [email protected]