السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

قطر تحب أن تختار من تتنازل له عن سيادتها

وزير الخارجية الأمريكي ريكس تليرسون، كان في جولة بين دول الخليج، وقبله مسؤولون كثر، وبعده آخرون؛ وتصوّر الجميع أن الأمور ستبدو واضحة بعد هذه المحاولات للتوسط، فقطر التي تعنّتت في وجه وساطة الكويت تحسب ألف حساب للخواجات والفرس والأتراك، وبالفعل حدث ذلك، علماً بأنّ العلكة التي لا تخرج من فم القطريين هي الوهم الذي اخترعه السيد عزمي بشارة في رؤوسهم أن «حافظوا على استثماركم في الإرهاب باسم السيادة»، فماذا نقرأ منه؟ حينما كانت وساطة الكويت، كانت قطر ترفض كل شيء، وتتندر على كل شيء، وتصيح بأنها ستفعل وتفعل، وتقول همساً، إن الأمير الوالد لا يوافق على شيء، أمهلونا يوماً أو يومين، وكان ذلك يقوم بتسريب الأخبار والوثائق منذ أن فعلها مع خطاب ابنه، ويحدث الإحراج تارة والخوف تارة أخرى والغضب، ولكن كل ذلك كان محفوظاً بالنسبة للقادة، وأدى إلى تثبيت جرم قطر بالتستر والمراوغة. وكان القطريون يبررون ذلك بأن السيادة فوق كل شيء. حين جاء دور الوزير الألماني قالت قناة الجزيرة إن قطر عرضت عليه أن تفتح كل ملفات دعمها لأي تنظيم مشبوه للألمان، وأن يقدموا لهم ما يرونه من وثائق، بل ويمنحوهم إذناً خاصاً لا يملكه سوى أمير قطر، ولقاء ذلك يتبنى الألمان الموقف القطري، وكانت الصدمة أن ألمانيا تدرك أن هذه المعلومات الحساسة حتى لو أنهم سيفعلونها، إلا أن إعلانها خطأ لا يجوز، فلما كان خبر تكذيب ألمانيا لخبر الجزيرة عن تصريحات الوزير الألماني، اندهش القطريون، واندهاشهم كان من سبب «تكذيب الألمان». حينما جاء الوزير الأمريكي، قدم القطريون كل ما سبق وقدموه للألمان، فقام الوزير بحركة ذكية حفظ ذلك الملف وحوله لاتفاقية ثنائية، يظنها ستؤدي إلى وقف تمويل قطر للإرهاب، والاتفاقية لكل من قرأها أو اطلع على تحليل الإعلام الأمريكي لها، هي اعتراف مضمر بتمويل الإرهاب، اعتراف ينضم إلى اعتراف وزير الخارجية القطري الأسطوري الخاص بأن قطر أقل دولة تدعم الإرهاب. أما الجانبان التركي والإيراني؛ فالتنازل لهما يكون بالسر، لا العلانية، والتنازل لهما في الأمور التجارية يطوي سنين كان المستثمر الخليجي أحق بها، ولكن السياسة القطرية لا تؤدي إلا إلى طريقٍ واحد وهو إكبار الغريب وإيغار صدر الصديق، وهذه قضية أخلاقية كبرى. السيادة التي «هزئت» بين أحضان الأغراب، ما كان أحد يريد أن يمسها، والمطالب التي قدمتها الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب لم تكن تؤثر عليها، إنما كانت تريد فقط إبعاد قطر عن مأزق محتوم. ولكنها أرادت أن تعزز الكراهية وتنتهك سيادتها بنفسها، فلا نملك أن نقول لها إلا «مع السلامة» كما قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي. [email protected]