الأربعاء - 17 أبريل 2024
الأربعاء - 17 أبريل 2024

يوم العَلَم

من عبقرية الرموز أنها اختصار للتاريخ، وللملاحم، وللأحداث الجسام، وللخير، والشر، هي كالتوقيع تماماً حين يختصر كياناً ومصيراً في خطوط صغيرة، متشابكة أو متقاطعة تحكي ألف سرٍّ عن صاحبها من دون أن يدرك، يعرفها أهل تحليل الخطوط، وتشي عنه بالكثر في غيبة علنية، يستوعبها من يفهم معنى الرمز. وفي يوم (العَلَم) الإماراتي الثالث من نوفمبر من كل عام، منذ العام 2013 لا يزال يعلو هذا الرمز في تظاهرة وطنية، دفعة واحدة، فوق كل شاهق، وفي كل شارع، وعلى كل منجز حضاري، يضخ نشوة الانتماء، ويعلن أسباب الحب، ويشرح كيف يكون الوفاء، بألوانه الأربعة، أحمر وأسود وأبيض وأخضر، كأنما يقول العَلَم للعالم أجمع: وفاءً لدماء الشهداء حكمنا بالحزم حين تتلون النيات، فإنها تذوب أمام صرامة السواد، وتعاملنا بالمساواة والتسامح بياضاً يتحدى لوثة الفرقة، وعشقنا كل ما يضمن حياة كريمة خضرة نضرة. يوم يترك فيه الرمز غموضه، وصمته، يكشف الستار ويتحدث بالكثير، يشرح التضحيات للصغير والكبير، من جهل معنى الإمارات واتحادها، ويذكر من عرفها، يوم تصدح فيه الدولة بإحساس واحد، وذاكرة واحدة، وفرحة واحدة، يوم يقول للماضي بفخر واعتزاز، كيف أصبحنا، وكيف عملنا، وكيف كان رد الجميل لمن رحلوا، يوم يقول فيه الحي لمن قضى نحبه، كيف حمل الأمانة، أمانة الوطن، وكيف حفظها وصعد بها إلى علوٍ لا يعرف للطموح سقفاً ولا سماء، فكان حرياً بالحظ أن يرخي للإمارات هامة العناد، وبالتوفيق أن يفرد لها جناح الطاعة، وبالتقدم أن يذلل لطريقها العوائق، لتكون قِبلة الباحثين عن التميز، وهدفاً لمن ينشد التغيير، وحضناً لمن فقد رحمة الأمان. فكل عامٍ وأنتِ بخير أيتها الدولة العظيمة، وكل لحظة وعَلَمك مرفوع لا يهاب، وكل عام وأنت بأفضل حالٍ أيها الشعب الطيب. [email protected]