أصغر وزيرة في أكبر وزارة

في فبراير 2016، كتبت في هذه المساحة مقالاً عنونته بـ: رسالة إلى معالي الوزير الشاب، افترضت يومها بأنه موجه إلى الوزير الذي لم يكن بعد قد أعلن عن اسمه. كان ذلك عشية تغريدة لصاحب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يطلب فيها من جامعات الدولة ترشيح ثلاثة شباب وثلاث شابات من كل جامعة ليختار منهم وزيراً. ومن ضمن ما دونته في ذلك المقال أن الوزير المقبل سيثبت للعالم أن قادة هذا الكيان الشامخ يدركون تماماً حجم التحولات والتغيرات الديمغرافية في النسيج المجتمعي، لذلك يستمعون إلى صوت الشباب بإنصات، ويمنحونهم مساحة للتعبير والمشاركة في صنع القرار. وزيرة الشباب شما بنت سهيل المزروعي تقود اليوم وزارة ليست هي الكبرى في الإمارات وحسب، بل هي من أكبر الوزارات على مستوى العالم كما ذكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أثناء كلمته أمام القمة العالمية الأخيرة للحكومات. يوماً بعد آخر تؤكد الوزيرة الشابة أنها الجديرة حقاً بحمل الحقيبة الأهم في مشروع العبور إلى المستقبل في بلدٍ يستجلب المستقبل بسرعة وثقة بدلاً من أن ينتظره. وبالمناسبة، لم نشاهد للوزيرة صورة واحدة وهي تجلس خلف المكتب، فهي تتجه للعمل خارج الحدود، ولعل منتدى الشباب السوداني الذي عقد أخيراً برعاية الرئيس السوداني عمر البشير ودعم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وما شهده المنتدى من مناشط وحلقة شبابية حول ريادة الأعمال، هو في مجمله شاهدٌ على أن شما المزروعي لا تمثل اليوم أيقونة طموحٍ وأملٍ وتفاؤل للشباب الإماراتي وحسب، بل وللشباب العربي أيضاً. لقد نجحت شما المزروعي، وفي نجاحها دليلٌ صادق على أن الشباب يكسبون الرهان متى منحوا الفرصة، وأنهم قادرون على الإبداع متى وجدوا الدعم. لدي يقينٌ بأن نجاح وزيرة الشباب سيشكل مصدر إلهامٍ للكثير من الحكومات العربية كي تحذو الحذو ذاته في توزير شباب طموح تزخر بهم مجتمعاتنا العربية. إنها تجربة قيادية فريدة تقدمها دولةٌ اختارت أن تتبوأ المركز الأول فكراً وعملاً وريادة. [email protected]