السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

نعم لقد انتقمت

لابد وأن كل منا مر بمرحلة ما أو موقف ما وارتكب أحدهم شيئاً بحقنا، شيءٌ استفزنا وأثار غضبنا وحنقنا لدرجة فكرنا بالانتقام، حتماً إن الظلم يؤدي إلى ردة فعل مؤلمة، نبحث بعدها عن طريقة لنرد على هذا الألم. والانتقام يكون الحل الوحيد الذي يريحنا. الجميل أنني قرأت مقالات عدة أخيراًلا تنصحنا بعدم الاستعجال وصرف فكرة الانتقام وترك العقاب لله تعالى، بل بتزويد القراء والمظلومين بطرق انتقام ذكية وناضجة، ولا أخفيكم كم أعجبت بمؤلفيها، لأن بعض المظلومين لن ينفع معهم ردعهم عن الانتقام، فالانتقام سيكون وارداً، إذن فالأفضل نصح المظلومين بطرق انتقام خفية لا تلحق الضرر الشديد بالطرف الآخر. ومن أطرفها «اترك هدية مقززة لمن ظلمك مثل بعض المأكولات البحرية كالجمبري عندما تفسد فإنها تُطلق رائحة كريهة وسيصاب خصمك بالغثيان». بعيداً عن الطرائف، قابلت في حياتي كثيراً من المظلومين، فكم موظف طرد من عمله ظلماً، وكم جار أساء لجاره، وكم متزوجة طلقها زوجها ظلماً وسلبها فلذات أكبادها .. وغير ذلك الكثير. يسعدني مشاركتكم بهذ القصة الشخصية، فقبل خمسة عشر عاماً، وفي زاوية مهجورة من الكلية، أذكر أنني كنت أبكي بنواح مكتوم بعد مظلمة شنيعة تعرضت لها، جرح عمر نازف، كنت أبكي وأبكي قهراً بكل ضعف وقلة حيلة، فاقتربت مني السيدة التي تنظف المبنى والتي لا تعرفني بتاتاً، ناولتني منديلاً وقالت لي «ابنتي .. هل صحتك بخير؟» قلت لها وأنا أشهق «نعم» ثم أكملت «إذن لا شيء في الدنيا يستحق أن تبكي عليه»، ثم ابتعدت عني قائلة «قومي يا ابنتي .. وانجحي في حياتك». العجيب أنني لم أرَ تلك السيدة مرة أخرى، وعلمت بعد ذلك أنها تركت المبنى وانتقلت إلى مبنى آخر ولم ألتقِ بها أبداً في حياتي. والآن وبعد خمسة عشر عاماً، ومن آلاف الأميال التي تفصلني عنها، ومن كل قلبي أشكر تلك السيدة علمتني أن الصحة أكثر نعمة يجب أن أشكر الخالق عليها ولا شيء يستحق البكاء عليه، علمتني أيضاً أن خير انتقام في الدنيا هو «النجاح». والآن وبعد كل تلك السنوات أقولها بكل فخر «نعم لقد انتقمت» بأن قمت على قدمي مرة أخرى، وكسرت كل القيود واجتزت كل العقبات و«نجحت». [email protected] أكاديمية ومهندسة معمارية