السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

تقزيم النفس

يُقال كلما رأيت نفسك عظيماً ازدادت عظمتك وكبرت طاقتك، وأثرت في من حولك، وكلما استصغرت نفسك وجدتها قزماً بلا حول ولا قوة. يقول توين بوزان أحد أساتذة البرمجة اللغوية العصبية (أنت في واقع ما تتخيل نفسك به). فعلاً أنت من يصنع لنفسه العالم الذي يريد أن يكون به، ولكن كيف؟ يحكى أن والياً أمر بعزل قائد الجيش على الرغم من ضخامته، ثم طلب من الجنود من يرى في نفسه الأهلية لأن يقود الجيش أن يتقدم ويرشح نفسه، فلم يتقدم أحد، فكرر الطلب مرة أخرى، وإذا به يسمع صوتاً زاوية، وخلف هذا الصوت يكمن شخص ذو هيئة صغيرة قصيرة قزمة ووجه بشع، فأشاح الوالي بنظره عنه، وكرر الطلب مرةً أخرى، وإذا بالصوت نفسه يجيب: أنا أريد أن أكون قائد الجيش، وتكرر المشهد ثلاث مرات، وفي المرة الأخيرة قال له الوالي أنت لا تملك الجسامة ولا الوسامة لتكون قائداً للجيش، فرد الشخص قائلاً (أما الجسامة فهي للبغال، وأما الوسامة فللنساء، وأما الرجل بأصغريه لسانه وقلبه). هذا الشخص هو الحجاج بن يوسف الثقفي الذي لم يرَ نفسه إلا قائداً عظيماً لم يأبه بقصر قامته أو قباحة وجهه لأنه استند إلى رجاحة عقله وجزالة لسانة وفطنته. قد تجد داخل الكثير منا حجاجاً، ولكنه أبى أن يظهره، أي داخل كل شخص مكامن قوة لا ينظر إليها بعين الجدية والاعتبار، ويحصر نفسه في زاوية سطحية مبنية على من شكلوا ذاته. مثلاً موقف سلبي حصل له في الماضي فماذا يحدث؟ يبقى هذا الشخص ينمي ويغذي هذا الموقف السلبي كلما تقدم به العمر، وبذلك فهو يعمل على قتل كل فرصة سانحة له للتطور والتقدم وكبح ما به من شغف، فقط لارتباطه بذلك الموقف السلبي. الكثير منا يقع في دائرة (ماذا قالوا عني؟) طويل، قصير، قبيح، غبي، سمين .. إلخ، لذلك تجده دائماً يقزم نفسه ويصغرها، تجده أشد الناس كرهاً لنفسه وأكثرهم بحثاً عن الحب من الآخرين، فلا يستطيع أن يلقى جمال الحياة. كاتبة وشاعرة [email protected]