الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

حوادث المرور والمسؤولية المشتركة

حينما كنا صغاراً كانت ثمة دعايات وإعلانات راسخة في أذهاننا، فمن لا يتذكر، الفواصل التي تأتي مثل «سلامتك نود لك سلامتك، لأنك الإنسان» وهي شبيهة بإعلانات لا للمخدرات، وهي إعلانات جيدة، وكانت في وقتها ذات تأثير، ولكن حينما طال الأمد، صارت شبه مكرورة وباهتة لا تؤثّر، وعلى الرغم من ذلك صارت آلة الإبداع رهينة بالفكرة نفسها التي تقدّم مذ ذاك الحين. فكيف يمكن أن نعيد هذا المجال؟ شكل الحادث المأساوي، وصوت الارتطام، قد يكون رسالة مهمة، ولكنها فقدت التأثير بحكم التعود، ولكن ماذا لو صار لدينا شكل من الدعاية غير المباشرة، فكثيراً ما تفوتنا مراقبة الإحساس لذوي المتهوّر الذي يقود سيارة فارهة بسرعة جنونية وهو في سنين المراهقة. تخيل لو أننا نستطيع تسليط الضوء على شعور والديه، ومن وفّر له هذه المركبة، كيف سيشعر، يا ترى؟ نحن لا نريد أن يفكر الناس في مجرد الحادث، ولكن في كل عناصر القصة بدءاً من فكرة المسؤولية المجتمعية، ومسؤولية الأسرة حين تريد تلبية رغبات أبنائها. والوصايا والنصائح الأساسية، وزرع السلوكيات القيمة في النفس منذ فترة الطفولة. قبل فترة، ركبت سيارتي مع صديق فقال لي لماذا تتعب نفسك مع حزام الأمان، يمكنك فقط تعليقه على صدرك، لتفادي المخالفة المرورية. لحظتها صمت لفترة ولكني وجدت نفسي ملزماً بضرورة الإجابة، فقلت له إن مشكلتي مع هذه الحالة من حالات الغش. لا تنبع من مجرد أنها تغش شرطي المرور. ولكن لأن ارتداء الحزام بطريقة غير صحيحة، يعرض السائق للخطر، كذلك إذا فعلت هذا الأمر أمام طفلي فسيتعلم الغش، ويظنّه خياراً صالحاً، وقطعاً هذا ليس ما أود. إن الحلول المقدمة لمعالجة كارثة السرعة الجنونية، تجعلنا نطالب بدخول الوازع الديني لحل مشاكل المرور، فهذه السرعة لا تجعل المتهور يرتكب جريمة عن خطأ، بل ربما نظن أنّه كالعامد، قد لا نكون مؤهلين للحديث عن أن الذي يتجاوز السرعة القانونية بأكثر من 40 كيلومتراً في الساعة فماذا يقصد؟ أليس هذا ملقياً بنفسه إلى التهلكة، وجاراً لغيره معه. هذا غير الذين ينشغلون بالهاتف، ثم يجدون أنفسهم حصدوا أرواحاً بريئة لا ذنب لها، هنا نطالب أن يكون التفكير بمعية العلماء، كيف بإمكانهم صياغة الأخلاق الإسلامية في منظومة أخلاقية تجعل السرعة والتهور كالسرقة والسحر وغيره؟ ومن المهم، ربط مستخدمي الطرق بالمؤشرات العالمية، حول حوادث السير، وشرح التقدم الذي تحرزه الدولة. أما الدعايات والإعلانات التحذيرية، فتحتاج إلى تكامل بين الجميع لابتداع أفكار جديدة. كاتب صحافي [email protected]