الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

رومانسية العزلة

لعلها نظرة رومانسية تلك التي تجتاح كثيراً من الشباب بجنسيهما، فتجعلهم يبنون حياتهم بمعزل عن الآخر، ويسوّقون لنمط من الحياة تهيئ مقوماته الدول الغنية أو المتطورة، تلك التي تعتمد على سواعد الشباب وتفتح لها أبواب العيش، والعمل فيها، وغير مستثنى من الوضع أبناء البلاد أنفسهم، فهل الوحدة حقاً شكل رومانسيّ، أو بسؤال أدقّ: هل هي نسق صحي للحياة؟ كثرت الدراسات في هذا الموضوع في البلدان التي تهتم لأمر إنسانها، لا سيما حين لوحظت ظاهرة العزوف عن الزواج، ورغبة الشباب والشابات في أن يكون لكل منهم حياته المستقلة من دون تفكير باللوذ بشريك، ولوحظ أيضاً أن شيخوخة تصاحبها عزلة قد صارت تسري بشكل كبير، لا سيما في الدول التي يرتفع فيها معدل دخل الفرد بحيث يمكنه الاستغناء عن الشريك في ظل استشراء بدائل بإمكانها أن تملأ حياة أولئك الأشخاص وإن بشكل وهمي، ولكن في المقابل كان من نتيجة إحصاءات ودراسات كثيرة التوصل إلى أن الموت يكثر بين تلك الفئات التي يعيش أفرادها منفصلين عن شريك يتقاسمون وإياه حياة ثنائية بحلوها ومرها، ولكنّ كلمة «مرّها» تطرح أيضاً مداولات، إذ قد ينبري أحدهم بقناعته: وما الذي يدعوني لمرمرة حياتي وأنا أستطيع جدولتها عذبة فراتاً بلا مجذاف يستثير فيها الأمواج ويقلب أعماق المحيط؟ الباحثة جوليان لونستاد أستاذة الأمراض النفسية في ولاية يوتا في جامعة بريغام يونغ قدمت دراسة في اجتماع للجمعية الأمريكية للطب النفسي منذ فترة قريبة حاورت فيها أكثر من 300 ألف شخص، خرجت منها أن الارتباط الاجتماعي قد يخفض 50 في المئة من خطر الوفاة المبكرة، وأن شيخوخة البشر وحيدين قد تتزايد لنواجه وباء الوحدة، والموت الغفلة. فما الأساليب لتغيير قناعات كثير من البشر، وتسهيل الحياة عليهم، وترغيبهم في تقبل الشركاء ربما منذ مراحل الطفولة المبكرة، ولعلّ الأهم ما يتعلق بالمرأة التي ارتأت استقلالية عملية واقتصادية تدفعها لصرف النظر عن الارتباط، وإن كان سيحرمها من أمومة خلقت لها. ترى ما الذي أوصل المرأة حقيقة إلى هذا؟ أهو الاستقلالية المادية، أم التخوف، أم أسرار بين هذا وذاك؟ قاصة وشاعرة [email protected]