الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ازرع في أرضك

كان المزارع متحمساً، يحرث الأرض وينثر البذور ومع حماسه استمر ولم يعرف أين وصل، فهو ليس لديه وقت ليلتفت هنا وهناك، إنه مشغول ويود أن يستثمر كل ثانية فيما يفعل، إنه مؤمن بأن ما يفعله صحيحاً، نعم من أراد النجاح لابد أن يتحمل، ليس للمزارع وقت يرتاح فيه، كان يمسح العرق من جبينه ويكمل، يلهث أنفاسه ويشد على نفسه ويتحمل المشاق والمعاناة، وبعد فترة من الزمن أثمرت المزروعات والأشجار وتحولت الأرض إلى جنة غناء، حتى حان قطاف الثمار. فجأة دخل عليه أناس سيماهم الكشرة وذوي أجساد ضخمة أزاحوه بلا رحمة وقاموا بقطف وتجميع الثمار وهم ينتشون فرحاً، صرخ عليهم المزارع قائلاً «من أنتم؟ هذه ثماري» .. سرعان ما توقفوا ونظروا إليه ساخرين وقائلين «مزرعتك ها هناك في البعيد وأنت تقف في مزرعتنا .. شكراً لأنك زرعت في أرضنا»، واستمروا في القطف وإزاحته حتى أيقن أنه زرع في الأرض الخاطئة .. سقط على ركبتيه وصار يلطم خديه من الندم. ما قرأتموه في الأعلى قصة من خصب خيالاتي، ولكن لو أتيتم على الواقع فكثير منا يمثل هذا المزارع وبدرجات متفاوتة، فكم منا زرع في مزرعة ليست له وثماره جناه غيره، وكم موظف بذل مجهوداً في مؤسسة خاطئة والفضل ذهب لغيره، وكم من الناس استثمروا في الأصدقاء الخطأ، وكم من طالب أفنى أربع سنوات من عمره في دراسة جامعية وهو لا يفلح فيها وفشل، والأمثلة كثيرة لا تنتهي. جميل أن نكون ذوي همة وثابة ونفس متطلعة وطاقة خلاقة وصبر جميل ولكن في خضم أحداث حياتنا المتلاحقة والأحداث المتسارعة، ربما حان الوقف لنتوقف ثواني ونلتفت يمنة ويسرة ونسأل أنفسنا «هل نحن يا ترى نزرع في مزرعتنا؟» وفي نهاية المشوار «هل سيكون النصر حليفنا ونقطف ثمار جهدنا بأنفسنا؟». عزيزي القارئ .. لو اكتشفت يوماً أنك تزرع في الأرض الخطأ، صحح خطأك فوراً، ضع حياتك في إطارها الصحيح دون ﺗﻬويل ولا تقليل، احذر من تصحيح الخطأ بخطأ أكبر منه، فالإنسان الناجح يتعلم من أخطائه ويستفيد منها ويجعلها خطوة دافعة لا محبطة. ودمتم مثابرين ناجحين في مزارعكم إن شاء الله. [email protected] أكاديمية ومهندسة معمارية