الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

أفراحك آلام لهم

يقال إن الأصدقاء الحقيقيين يظهرون وقت المحن، وكما قال الشافعي وما أكثر الأخوان حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليل. لكن لا ننسى أيضاً أن الأصدقاء الحقيقيين أيضاً يعرفون وقت النصر والنجاح. ما زالت ذاكرتي حية كلما استحضرت تلك الصديقة التي تآخيت معها لسنوات ثلاث في الغربة. وأتذكر جيداً ذلك الْيَوْمَ الذي أخبرتها بأنني قدمت لمسابقة كبرى وشجعتها على أن تقدم أيضاً، ولكنها رفضت مستصغرة حجم المسابقة وجوائزها. وجاء الْيوم الذي فزت فيه بالجائزة الكبيرة وذهبت إليها أنتشي فرحاً وأبشرها بأني فزت، وإذا بي أراها وقد انقلبت سحنتها من هول الصدمة واكفهر وجهها كأن صاعقة من السماء ضربت أعلى رأسها وصارت تهذي بهستيريا من قهرها، وإذا بها تسترسل بغير وعي أنها قدمت للمسابقة، ولماذا لم تفز، وطعنت في لجنة التقييم. لم أعرف وقتها هل كان يجب أن أصدم بأنها أخفت عني اشتراكها في المسابقة واحتقارها لها أمامي، أم أتفاجأ بموقفها السلبي غير المتوقع، أم أفزع من وجهها الحقيقي الذي سقطت عنه الأقنعة في ثوان. بعد تلك التجربة تعلمت كيف أميز الصديقات الجدد من شاكلتها، وصار الحذر رفيقي الذي لا يفارقني، وأصادف وأسمع قصصاً كثيرة عن مثل هؤلاء الناس الذين يبتسمون لك ويظهرون عكس ما يبطنون وتكشفهم على حقيقتهم البشعة عندما تنجح وتنتصر، حقاً .. إن الإنجازات التي تحققها تكشف لك بدون أية ملابسات صديقك من غيره. انظروا حولكم جيداً وتفكروا بمحيطكم وستميزونهم جيداً، إنهم هؤلاء الذين إن حققت إنجازاً أو أصبت أمراً مفرحاً فسيؤلمهم ويزعجهم. يبتسمون ويتظاهرون بوجه ويخلعون ذلك الوجه في غيابك، ماهرون في تمثيل دور الوفاء ولكنهم أبعد ما يكونوا عن ذلك، ويتمنون لك الفشل الذريع. ولهم أقول ما يردده الكل «القمة تتسع للجميع» لا تنقهروا أو تحسدوا بل افرحوا لفرح ونجاح أصدقائكم، وخزائن الله لا تنفذ فكما أعطاهم فسيعطيكم إن أخلصتم النية، ولكم أقول أحبتي إننا لسنا في المدينة الفاضلة، الحياة أقصر من أن تقضوها مع من لا يستحق صداقاتكم، كما نحدد بعض الملفات على جهاز الحاسوب ونسحبها إلى سلة المهملات لنتخلص منها، بعض أو كثير من الناس حولك يجب ان تفعل معهم ذلك تماماً. [email protected]