الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

كما وصلني

على الرغم من القوانين الصارمة والعقوبات المغلظة التي تضعها الدول في وجه مختلقي الشائعات ومروجيها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإن دقائق معدودة تقضيها في مجموعات واتساب أو الخط الزمني في تويتر وصفحات فيسبوك تجعلك بوصفك متلقّياً تدرك أن ثمة خلل ما. والخلل هنا ليس في تطبيق القوانين والعقوبات بل في صعوبة السيطرة على الإشاعة الصادرة والتي سرعان ما تنتشر انتشار النار في الهشيم. نحن في الحقيقة نعيش أزمة وعي يعاني منها السواد الأعظم من مرتادي الشبكات الاجتماعية. إن جانب الموثوقية في مصداقية المعلومة العابرة لحدود المجتمع ومحيطه يجري اختباره في اليوم عشرات المرات، وفي كل مرة تفشل المعلومة في اجتياز الاختبار بمجرد صدور نفي رسمي من الجهات المعنية. من الحري بنا أن نحارب الشائعة بكل ما أوتينا من قوة وصرامة، وقد يتساءل البعض عن دور الأفراد في الحرب على الشائعة، الحل العملي السريع والمنطقي هو وأد تلكم المعلومة المكذوبة في مهدها. كل معلومة ليست منسوبة لحسابٍ رسمي موثق في الشبكات الاجتماعية هي مشروع إشاعة جديدة، كل خبرٍ ليس موجوداً في الموقع الإلكتروني الرسمي للجهة أو ممهوراً باسم المتحدث الرسمي هو خبرٌ مفبركٌ حتى يثبت العكس. هي ثقافة سوف تستغرقُ جهداً وعملاً مكثفاً وطويلاً .. لكنها سوف تؤتي ثمارها إذا أردنا لأنفسنا ومجتمعاتنا فضاء إلكترونياً نقياً يتمتع بقدر عالٍ من الشفافية والصدق والموثوقية. إن عبارات من نوع «كما وصلني» أو «للأمانة منقول» أو «نسخ لصق» في الأغلب تنطوي على كارثة خبرية يعتقد مروجها بأنه قد نأى بنفسه عن دائرة مروجي الأكاذيب بمجرد إلحاق منشوره بإحدى تلكم العبارات التي ذكرتها آنفاً. وعلى الصعيد الشخصي، فإن تلكم العبارات هي أول المؤشرات التي أستخدمها عند الرغبة في سبر أغوار معلومة والبحث عن أطرافها ومصادرها. إنها أمانة الكلمة، ومصلحة المجتمع، لو وضعها كل مستخدم نصب عينيه لفكر ملياً قبل الضغط على أيقونة إرسال خبر مفبرك أو شائعة مغرضة. هذه الأجهزة نعمة في يدِ الحريص الحصيف، نقمةٌ في يدِ الجاهل المتسرع، بيدك القرار، ولك الخيار. إما أن تكون بجهازك أداة بناء أو معول هدم. [email protected] باحث تربوي واجتماعي