الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

قصة جمجمة

سآخذكم هذه المرة إلى الماضي وتحديداً عام 1968 كان هنالك ولد صغير في كل مرة يذهب إلى مدرسته الابتدائية يمر بجوار مسجد قديم ومهجور تنعق فوقه الغربان، ولأن الطفل مغامر ولديه شجاعة غير موجودة في أبناء جيله تجرأ ذات يوم وفتح باب المسجد الخشبي الذي يكاد أن يتهاوى عليه من التلف، في الداخل ومن بين الغبار انتبه أن هنالك باباً داخلياً وخلفياً للمسجد، فتحه فوجد نفسه فوق تراب في حوش كانت يستخدم كمقبرة فيما مضى، ولأن أحداً لم يهتم بها ومع عوامل التعرية على مر السنوات فتحت القبور على مصراعيها، فشهق الطفل عند رؤيته لهياكل عظمية. أكمل الطفل طريقه إلى المدرسة وفي حصة العلوم، كان الأستاذ يشرح عن جسم الإنسان والعظام فرفع الطفل يديه قائلاً ببراءة «أستاذ أستاذ.. سآتي لكم بجمجمة حقيقية غداً» لم يأخذ الأستاذ ما قاله بمحمل الجد على عكس أصدقائه في الفصل الذين تحدوه أن يجلب لهم جمجمة حقيقية. وفي اليوم التالي ذهب إلى المقبرة وبقراءة المعوذات نزل أحد القبور وانتشل جمجمة ووضعها في حقيبته وذهب للمدرسة وكان ينتظر بلهفة حصة العلوم، يبدو أن زملاءه لم ينتظروا فسرعان ما انتشر الخبر في المدرسة كالنار في الهشيم، وصار الطلاب يتسابقون لرؤية الجمجمة البشرية في حقيبة ذلك الطالب، حتى وصل الأمر إلى وكيل المدرسة والمدير اللذين قررا الاتصال بالشرطة، فربما وراء الجمجمة جريمة قتل، ولكن أستاذ العلوم استوقفهم قائلاً «دعوني أعالج هذا الأمر فلا تصعدوه من فضلكم». سأل المدرس الطفل بهدوء من أين له هذه الجمجمة فأخبره الطالب قصته ببراءة، فرد الأستاذ بلطف وهو يربت على كتفيه «أنت شجاع.. أنا فخور بك ولكن الله أمرنا أن نكرم بني آدم فكما أتيت بالجمجمة أرجعها إلى جسدها». ففعل الطفل ما نصحه به أستاذه. هذا الطفل كبر وأصبح جيولوجياً ناجحاً ومشهوراً وحصل على درجة الدكتوراة، وأنشأ نادياً علمياً في بلده، وسافر بطلابه في مغامرات على مستوى العالم، فمن مغامرة المرور فوق مثلث برمودا وتسلق البراكين إلى أدغال الأمازون والبحث عن ثعبان الأناكوندا.. يقول الدكتور عبدالحفيظ «ما أجمل الأسلوب التربوي الذي عاملني به أستاذ العلوم، ولا أعرف ماذا كان سيصير لو أنه نهرني أو اتخذ أي إجراء عنيف ضدي وقتها». [email protected]