الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

إيران .. ثورة الفقراء

ليست الأولى التي ينتفض فيها الشعب الإيراني ضد الحكم الدكتاتوري للملالي، فقد سار الآلاف عام 2009 في الانتفاضة التي سميت بالانتفاضة الخضراء ضد الرئيس أحمدي نجاد وسياساته التي أوصلت الأوضاع إلى الانفجار، وثورة الشعوب ضد الأوضاع وإن كانت أسبابها اقتصادية أو اجتماعية، إلا أنها سريعاً ما تتحول إلى انتفاضات ترفض التردي السياسي الذي أوصل الأوضاع إلى ما آلت إليه. لذا فإن التقليل من قيمة وقوة الاحتجاجات الشعبية الإيرانية والمحاولات الحثيثة من المطبلين والمنضوين تحت سلطة عمائم طهران، ومحاولتهم لتفريغها من محتواها وعمقها السياسي بدعوى أنها احتجاجات لتحسين الأوضاع الاقتصادية لن تغير الحقيقة الواضحة بأنها ستكون نقطة التحول الأهم في تاريخ إيران الحديثة مهما استخدم الحكم الاستبدادي الإيراني أجهزته القمعية في القضاء التام على الحركة الشعبية. وليس مستغرباً من الصمت الغربي ضد ما يحدث لأهل إيران واستخدام الملالي القوة المفرطة في سحق المتظاهرين لإخماد ثورتهم، وتتحدث الأخبار عن اعتقال الآلاف من الشعب الإيراني الذي سيتعلق أغلبهم بحبال المشانق في الساحات العامة ويقضي الكثيرون منهم تحت وطأة التعذيب في السجون، فهذا النظام برغم دمويته وخطورته على الاستقرار الإقليمي والعالمي على جميع الصعد، إلا أنه المحرك الرئيس لحركة البيع والتصنيع العسكري وفرض الشروط والإملاءات وتمرير الأجندات لمختلف قرارات المخططات طويلة الأمد في المنطقة، لذا فإن الدعم الحقيقي للشعب الإيراني لن يتعدى السماح للمتظاهرين من إيرانيي تلك البلدان ومؤيدي حرية الشعب الإيراني من التظاهر وحمل اللافتات أمام السفارات الإيرانية في العواصم الغربية. الكل سيحاول الاستفادة من انتفاضة الشعب الإيراني، حتى إن أحمدي نجاد هو نفسه حاول تسويق نفسه أنه معهم ضد الأوضاع الداخلية الإيرانية برغم أنه كان أحد مسبباتها، ما دعا الملالي لاعتقاله ووضعه تحت الإقامة الجبرية، وقد يصيبه ما أصاب منتظري الذي انتقد مجزرة عام 1988 التي قتل فيها النظام 4700 سجين سياسي من المعارضة بفتوى من الخميني، بالرغم من تقلده منصب نائب ولي الفقيه، فتم وضعه في الإقامة الجبرية حتى توفي في قُم. إن الثورة ضد الظلم لم يحركها أحد من الخارج، ولم تكن واقعة تحت مؤثر مؤقت، ولكنها صدرت من شعب سئم الفقر والتعذيب والتعليق على المشانق لأتفه الأسباب، وأصبحت التجارة الرائجة في البلاد تجارة الأعضاء البشرية لكي تتمكن الأسر من سد رمق من يبقى منها على قيد الحياة، وقد تعود للاشتعال بقوة أكبر حتى ولو تمكنت قطعان المرتزقة التي جلبت لقمعها. [email protected] كاتب صحافي