الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الشنب .. بين دلالتين

نعرف كلمة الشنب اليوم بمعنى الشارب، ولم يكن ذلك إلا على سبيل المجاز، ذلك أن معناها يختلف عند القدماء، فهي عند الثعالبي في فقه اللغة «رقة الأسنان واستواؤها وحسنها»، وجاءت في لسان العرب بمعنى رقّة الأسنان وبَرْدها وعذوبتها وحِدَّتها ونقائها وبريقها. فإذا ما تأمّلنا الحديث الوارد في غريب الحديث لابن الجوزيّ «كان أفلجَ الأسنانِ أَشْنَبَها»، لوجدنا أن الكلمة جاءت بالدلالة القديمة، أي أنها تدل على ماء ورِقَّة تجري على الثغر، وليس للجاهل بالدلالة العتيقة أن يدرك المُراد منها، في حين أنّ قولنا «فلانٌ شَنَبُه عريض» يُحيلنا إلى الدلالة الحديثة التي نتواضع عليها اليوم والمتمثِّلة في معنى الشارب. وهكذا فإنّ كلمة «شنب» تعرَّضت للتطور الدلاليّ، مكتسِبةً دلالةً جديدة، ومن ثَمّ جامعةً بين دلالتين، ولعل ذلك بفعل المشابهة بين المدلوليْن وانتمائهما إلى مجال عقليّ واحد، ممّا يُفضي إلى إشكال في تلقّينا اليوم للمعنى المُصْطَلَح عليه لدى السابقين، كما لو أنّ السابقين عادوا إلى الحياة اليوم لما عرفوا شنبنا ولما أدركوا مُرادنا منه. [email protected]