الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

بين خلاف الإمامة القديم وخلاف الحاكمية الحديث

بعد مقالنا يوم الاثنين الماضي عن إعاقة التطرف الذي انفجر من صراخ وبكاء الشيخ المريض أو الخلافة العثمانية، منشئاً تيارات الإسلام السياسي الذي كانت جماعة الإخوان المسلمين باكورتها، طرحت عدد من الأسئلة والنقاشات كان أولها طرح الصديق والخبير السياسي المصري سامي بيومي علينا سؤالاً مهما وهو: أليس الإسلام السياسي سابقاً على جماعة الإخوان ولحظة سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924؟ وألا تُعد فرق كالخوارج والإمامية وفرقهم معهم وغيرهم، وألا تعد تلك إسلاماً سياسياً بدأ قبل الإخوان؟ لأهمية السؤال والنقاش حول المسألة نذكر الملامح التالية: 1- أن طوال ثلاثة عشر قرناً سبقت حدث سقوط خلافة العثمانيين، لم يواجه المسلمون فكرة سقوطها قبل ذلك، كما لم يدعو لاستعادتها، ولم تكن هذه الاستعادة مشكلة لدى الطائفة الغالبة وهي أهل السنة والجماعة إلا مع صعود حركات الإسلام السياسي المعاصرة في إطارها أولاً. 2- أن مقالات الإسلاميين القدامي كانت مقالات ومنظومات افترقت في تصورات الاعتقاد وفروعه، بين الآل والصحب ومن أولى فيهما بالخلافة، وفي تصورات خلاف الصحابة، وفي تصورات أخرى لم تكن أبعد أثراً كالتوحيد والعدل والقدر والأسماء والصفات والمرجعية وما شابهها من أمور، بل وفي تقييم السلف الأول انطلاقاً من هذه المرجعيات. 3- مفهوم الإسلام السياسي حديث نسبياً، أسقط أول ما أسقط على التيارات المعاصرة، التي تؤمن وتدعو لشمول الدين للسياسة، ورفض الحكم والقوانين الوضعية، ورفض فكرة المواطنة والدولة الوطنية وكل منتوجات الغرب الثقافية، بحجة أنها تغريب، ومن يؤمن بذلك يوصف بالارتداد والعمالة أو الكفر والاستحلال. 4- رغم أن خلاف الإمامة التاريخي، منذ الفتنة الأولى كانت فارقاً بين الفرق- كما ذكر عبد القاهر البغدادي- وسلت كل السيوف من أجلها- كما ذكر الشهرستاني- إلا أن تشكل هذه الفرق لم يكن نابعاً منها فقط/‏‏ بل من مجمل ما تطور من اعتقاداتها في القرن الثاني بعد عصر التدوين، أما المعاصرون فمثلت مسألة الحاكمية والحكم بما أنزل الله قضيتهم وغايتهم وخلافهم الوحيد وللحديث تفصيل آخر.