الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الورم الخليجي

يجمع علماء الطب، على أن علاج أي ورم هو استئصاله، طبعا ذلك بعد ثبوت فشل جميع التدخلات الطبية الأخرى في التعامل معه، وفي السياسة أيضاً تبدو هذه القاعدة منسحبة تماماً على العلاقات الدولية. قبل زهاء الــ ٢٠ عاماً شرعت الدوحة، وتنظيم الحمدين الذي كان يديرها وما زال، في التكون كورم سرطاني خبيث، في جسد كان سليماً معافا، على الأقل في المنطقة التي تشهد غلياناً سياسياً مُلفت للنظر، ولم يكتف هذا الورم بالظهور فقط، وإنما بدأ ينشر خلاياه على باقي الجسد الخليجي. جنون العظمة التي عاشها تنظيم الحمدين طيلة عقدين من الزمان، أفقدته بصيرته السياسية تجاه أشقائه وأخوانه في الخليج، وظل مستمراً في نفث سمومه المستأجرة خارجياً، وجميعنا يعلم أن الفكر الذي يسيطر على الدوحة حالياً في شتى المجالات، هو فكر مستأجر، والعيب هنا ليس في استئجاره، ولكن في طريقة توظيف ذلك الفكر لهدم وزعزعة أمن جيرانه. حاول قادة الخليج، الذين اكتوت بلدانهم من لهيب نيران حقد تنظيم الحمدين، وضع المماحكات القطرية جانباً، تقديراً منهم لأهمية وحدة الصف الخليجي، والحيلولة دون تجرع الشعوب الخليجية مرارة القطيعة والخلاف، لكن المتربصين في قصر الوجبة تمسكوا بقراراتهم الطائشة، مزيد من السم لتحقيق حلمهم في خلافة الأرض. اليوم تشارف الأزمة القطرية على الدخول في عامها الثاني، ومن يدير الأزمة في الدوحة ما زال متمسكاً بمغامراته الطفولية وأحلامه الخيالية، أضاع وقته ومال شعبه في إقناع العالم بمظلوميته التي لن تنتهي إلا بعودته إلى جادة الصواب، وتحقيق مطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وإن طال الزمان. تنظيم الحمدين الحاكم الفعلي للدوحة، لم يجني على شعبه ودولته الويل فقط، وأنما يسعى لبث التفرقة بين شعوب الخليج، وشق صفها وهذا يخدم المخطط الإيراني الطامع في ذلك، بل ذهب إلى أكثر من ذلك بتبنيه ودعم أصوات النشاز داخل دول المجلس، تارة للخروج على حكوماتها، وأخرى لاختلاق المشكلات مع الدول الأخرى، والمشهد الكويتي الحالي مثال حي لذلك. المحاولات البائسة الأخيرة والمفضوحة لهذا التنظيم، والمتمثلة في محاولة زرع الفتنة بين السعودية والإمارات، عبر ترويج الشائعات وتغذيتها بوجود خلاف ميداني للسيطرة على جنوب اليمن، وكذلك التلويح بتدويل الحرمين، بل والدفع للمنظمات والجهات لتبني هذا الطرح، يثبت أن هذا الورم لم يعد بالإمكان احتماله أو السكوت على بقائه في الجسد الخليجي. سيذهب تنظيم الحمدين إلى مشارق الأرض ومغاربها، وسيعود بخيبته ولا غيرها، وسيأتي اليوم الذي يتنفس فيه أهلنا في قطر الحبيبة هواءً سياسياً نقياً، خالياً من شوائب المكر والخداع والتضليل، وسيعيشون حكماً صالحاً رشيداً، صاحب سيادة حقيقية على أرضه ومقدراته، وبعلاقات يسودها مبدأ حسن الجوار، وسيرى التنظيم الغاشم هناك، والورم الواجب استئصاله من خليج الخير، أن ما جنته يداه، سينقلب عليه وبالاً في مقبل الأيام، فقط هي مسألة وقت وإن امتدت لسنوات. محلل سياسي [email protected]