الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

في الاحتكار

منذ مدة ليست بالقصيرة ونحن نسمع أن الدول ستتجه إلى منع الاحتكار وإلغاء ما يسمى الوكيل الحصري، وهو الإجراء الذي كان من شأنه تخفيض الأسعار في السوق للبضائع المستوردة بزيادة تنافس الموردين وارتفاع المواصفات وامتيازات ما بعد البيع، الأمر الذي لم يحدث أو اختفى من ساحة التداول تقريباً وبقى الوضع على ما هو عليه، بل أنه تفاقم بصورة خيالية حيث لا تزال الأسعار تنطلق في مسيرتها الدؤوبة في الارتفاع وأصبحت الأسعار أقل ما توصف به أنها خيالية. في بلدان المنشأ تسيطر الحكومات على أسعار البضائع نفسها التي تباع داخل أراضيها، بل إن المواصفات والمزايا التصنيعية تزيد على تلك المخصصة للتصدير إلينا والعالم، والسبب الوحيد لذلك أن الاحتكار هو من أفسح الطريق أمام مؤسسة فردية أن تبسط هيمنتها الكاملة على السوق وفرض المنتج الذي تقدمه مهما كانت جودته بالسعر الذي تحدده، في حين تكتفي حماية المستهلك بأن تحافظ على ثبات السعر وعدم التلاعب به من قبل آخرين، وهو ما يؤمن الحماية لهذا الاحتكار، فتلك الحماية لا تجبر المستهلك على أخذ هامش ربح مقبول على سعر التكلفة أو تمنعه من القيام بعقد تحالفات إقليمية تهدف إلى رفع الأسعار إقليمياً أو تباينه بصورة لا تؤثر في السعر العام كما هو حاصل الآن في سعر السيارات بين بعض دول الخليج مثلاً. لقد أدى الاحتكار إلى تنامي ثروات هائلة جعلت المحتكرين يبتكرون أسواقاً تنافسية لبضائعهم يكونون هم أنفسهم المنافسين عن طريق شركات تعود ملكياتها لهم أنفسهم، فالتقارير الاقتصادية الحكومية في بعض دول الخليج نبهت إلى عدم وجود المنافسة الحقيقية، ما يجعل المستهلك دائماً في أخطار نتيجة تحكم محتكري التجارة في رفع وخفض الأسعار بدون مبررات اقتصادية ومسوغات تجارية وحتى سيطرة قانونية. لقد دفع هذا الاحتكار إلى التأثير في المجتمعات بصورة كبيرة، فإضافة إلى الأعباء المادية الكبيرة التي يلقيها على الفئات الكادحة، فإنه أيضاً أوجد ممارسات استهلاكية سيئة منها عدم توافر قطع الغيار المناسبة لتصليح ما يتلف منها، واعتماد سياسة التبديل لكل ما يعطل، في الوقت الذي تتجه نسبة ليست بسيطة إلى استخدام البضاعة التي تفتقر إلى أبسط معايير السلامة بسبب الأسعار المنخفضة لها والتي تؤدي غالباً إلى كوارث إنسانية عانى منها المجتمع، لذا فإن الاحتكار سيبقى ملفاً مفتوحاً أمام المشرع للنظر فيه. كاتب صحافي [email protected]