الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

شعارات التطرف البراقة والعقل النقدي

الخطر، كما ذكرنا، أن شعارات ومقولات الأصولية العنيفة والمتعصبة تنسرب وتستقر في اللاوعي العام، من دون نقد أو تفكيك أو تمحيص إلا نادراً، فقد يفاجئك أطفال وطلاب في الجامعة، بصور نمطية للآخر الديني أو الطائفي، وتصور ما عنيف للعلاقة به أو نفي هويته وسلب شرعيتها، وقد يفاجئك مواطن يبحث عن حقوقه بإنكاره حقوق المواطنة على آخرين، وتفاجئك امرأة معادية لحقوق المرأة، على الرغم من أن تعليمها وتطورها كان أحد منجزات جهود الحداثة والعقلنة والنهضة العربية غير الأصولية عبر عقود، منذ العقد الأخير من القرن الماضي. كانت تلاحقك طفلاً تشويهات الحوائط بكتابات تدعو إلى عودة الخلافة، وأنها لا شرقية ولا غربية بل إسلامية، ترتبك ويرتبك معك وجدانك وعقلك، فلم تكن قرأت ما قاله فقهاء الآداب السلطانية والنظرية السياسية الإسلامية من أن الخلافة مسألة تاريخية واجتهادية تقديرية، وأنها ليست من أصول الدين كما قال الجويني إمام الحرمين وكما قال الغزالي وكما قال ابن تيمية في منهاج السنة. كل الشعارات الأيديولوجية كبيرة وخادعة ومغرية تجذب أنصاف المثقفين، وأنصاف العقلاء، وتسحر العوام، بل ويستلب وراءهم بعض الباحثين عن شهرة وعن شعبية وعن بطولة هائجة تضر المجتمع وتضر صاحبها. يغري التطرف العوام، لأنهم ينفرون من التفكير المعمق والنقدي، بما يحمله من الحسم والتبشير ومنطق الصراع المؤبد وروايات التفكير التآمري واختزال القضايا الكبرى خاصة والعامة في كلمات قصيرة عامة وعاطفية في آن. وأحياناً ما يستبق المتطرفون مناهضيهم بالاتهام، فيبدو الفكر العقلاني والنقدي الذي يحاول تفكيك هذا هذه الشعارات الخطرة غير الصالحة ديناً ودنياً وتاريخاً كما وصفه الشيخ الراحل أبو الحسن الندوي في كتيب له: «ردة ولا أبا بكر لها» وأخذت كل هذه الجماعات، سنية وشيعية، من حسن البنا وقطب وأخلافهما وصولاً للخميني وخليفته خامنئي، ومن البغدادي والجهاديات السنية المتعددة إلى الجهاديات الشيعية إلى أمثال أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني وحسن نصر الله تروج هذا الرهاب لمخالفيهم، ترفع في وجوه معارضيهم تهم التكفير والتخوين والاتهام بالعمالة والاصطناع وكل ما يستطيعون من تهم، وتظل تجربتهم هي الأهم في كشف زيفهم كما كان ويكون دائماً.