الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

شهداء الوطن والواجب

الوطن كلمة من خمسة حروف، بسيطة في تركيبها اللغوي، عميقة في أثرها في النفس، الوطن أرض وسماء وبحر وروح، روح تعيش في داخل كل من وطأت رجلاه على هذه الرمال واستنشق هواء هذا الوطن. كنا وما زلنا نردد نفديك بالأرواح يا وطن، ومرت الأيام إلى أن جاء اليوم الموعود الذي أدى أبطالنا فيه قسمهم ووعدهم، وأهدوا الروح لهذا الوطن الذي لم يبخل عليهم بشيء. عندما كنت واقفة خلف نافذة غرفتي أرى مشهد إخراج جثامين الشهداء من سيارة الإسعاف، وهم محملون على الأكتاف، وقد جرت تغطيتهم بعلم الدولة، انتابني شعور مخلوط بالنصر والحزم والحزن والألم، اعتصر قلبي لحظة، وانتشى فرحة للحظات، كانت السماء ملبدة بالغيوم والطيور تحوم فوق المسجد، كأن الأرض والسماء والطير والشجر والحجر قد تلاحمت لتشهد شهادة وفوز ونصر تلك الأرواح التي وهبت نفسها فداء للوطن. لحظة تجمهر الناس وتجمعهم، لحظة إقامة الصلاة، كلها لحظات خشع بها قلبي وظل النبض حبيس الفؤاد، أتساءل ما الذي فعلوه في دنياهم ليكرمهم الله بهذه المكرمة ليجعلهم شهداء الوطن والدين والواجب؟ أتساءل عن هذا الشرف الذي نالوه وأهدوه الى أهاليهم، أسرهم، وطنهم وبلادهم. عندما شاركت في زيارة إلى أمهات الشهداء، انتابتني حالة غريبة، اجتمع فيها الضدان والنقيضان، الفرح والحزن، الأمل والألم، السعادة والكآبة، كل هذه المتضادات مرت أمامي قبيل أن يدخلوا علينا في الخيمة المعدة لاستقبال أمهات الشهداء، ولكن ما إن أتوا حتى تبددت ملامح الحزن عن المكان، وبقلوبهم الصابرة والنيرة المؤمنة بقضاء الله وقدره، تحول الحزن إلى نشوة فرح ونصر وسعادة، كل أم تفتخر بأن ابنها قد راح فداء للوطن.قبلة فخر، قبلة نصر لو أستطيع لطبعتها على جبين الوطن، وجبين كل أم صبرت وتصبرت واحتسبت أجرها عند الله تعالى. شهداء الوطن والواجب، سيظل محلهم في القلب إلى الأبد، وستظل إنجازاتهم تذكر وتدرس عبر التاريخ. [email protected]