الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

ثمرات وعد محمد بن سلمان

مجموعة من اللقاءات المكثفة يجريها حالياً ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع فى المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، في العاصمة الأمريكية واشنطن، جدول أعماله مزدحم باللقاءات والزيارات، التي بدأها بلقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وأعضاء في الكونغرس الأمريكي من مجلسي النواب والشيوخ، وهي الزيارة التي أرى أنها ستحمل تبعات مستقبلية، على الصعيد السياسي والاقتصادي وحتى العسكري. لا يخفى على أحد الوعد الذي قطعه الأمير الشاب محمد بن سلمان في لقاء تلفزيوني بأن المملكة العربية السعودية لن تقف مكتوفة الأيدي حيال التصرفات الطائشة الإيرانية، وأنها إذا ما استمرت في ذلك، فإن المعركة ستنقل إلى داخل إيران، وهذا كان جرس إنذار للقيادة الإيرانية بأن تلملم شراذمها من المنطقة، وأن تهتم بشأنها الداخلي قبل أن تحترق، ولكن للأسف إيران ماضية في غيها. الأمير محمد بن سلمان وهو الرجل الثاني في الدولة ووزير دفاعها أيضاً، في زيارته الأخيرة إلى أمريكا وضع كثيراً من النقاط على الحروف، رأينا تصريحاته إزاء احتضان إيران لقادة القاعدة، وبدأنا نلمس تغيراً على الصعيد الإعلامي في أمريكا إزاء نظرتهم لاعتداءات الــ 11 من سبتمبر، إبان توضيحات الأمير محمد بن سلمان بأن إيران هي من سعى إلى توريط السعودية في هذه الأحداث، عبر إدراج 15 انتحارياً، رغبةً في أن يؤدي ذلك إلى قطع العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. فعلياً .. ومن وجهة نظري المتواضعة، أرى أن هذه الزيارة التي يجريها حالياً الأمير محمد بن سلمان هي اللبنة الأولى لسياسة نقل المعركة إلى الداخل الإيراني، وهو جزء من وفاء الأمير محمد بن سلمان بعهده، كما أن هناك طرقاً أخرى ستلجأ لها المملكة العربية السعودية، وكذلك الدول الصديقة لها، لزيادة الضغط على طهران، لأن النظام الحاكم في إيران لا يهدد أمن السعودية فقط وإنما يهدد أمن وسلامة المنطقة برمتها، وهذا بشهادة جميع الدول والكيانات. علينا ألا نفرط في تفاؤلنا إزاء ردة فعل الإدارة الأمريكية بعد زيارة ولي العهد السعودي، ولكن علينا أيضاً عدم إغفال أن الواقع السياسي والعسكري الأمريكي سيتغير تجاه إيران، وهو بدأ فعلياً بعيد زيارة ترامب إلى المملكة العربية السعودية العام الماضي، نحن فقط ننتظر إعلاناً رسمياً من الرئيس الأمريكي يوضح خطته للتعامل مع إيران وملفها النووي، وما سيجري في مقبل الأيام أن إيران ستواجه عزلة دولية مؤذية، إضافة إلى أنها ستجبر على سحب قواتها وخبرائها من مناطق صراع عدة، وما سيجري في سوريا تحديداً أنها ستسلم الملف برمته إلى روسيا، حتى ميليشيات حزب الله ستغادر المشهد السوري، لأنها لن تقوى على مواجهة رد الفعل الأمريكية. إيران تدرك أن الأمور لم تعد تصب في مصلحتها، ولذلك بدأت تقلص عدد قواتها وخبرائها في سوريا، بالتزامن مع ارتفاع في خطاباتها البراقة التي تتوعد فيها كل من يفكر في المساس بملفها النووي، بيد أنها ميدانياً تهيئ نفسها على امتصاص الصدمة الأولى للضربة الأمريكية المقبلة، وهي حتماً ستسعى في الأيام المقبلة إلى تكثيف جولاتها المكوكية على عدد من الدول المعارضة للسياسات الأمريكية في المنطقة، لطلب الدعم والمساندة في حال حاجتها إلى ذلك. ما أتمناه هو أن تجنبنا إيران وتجنب المنطقة ويلات حرب مدمرة، فقط بالخوض والتركيز في شأنها الداخلي وعدم تصدير المشكلات إلى الخارج، ستجد حينها الجميع يتعاون معها بدءاً من جيرانها وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما أجزم بوجود أصوات داخل إيران وخارجها تطالب بهذا النهج، بيد أن من يطالب بعكس ذلك سيجد نفسه خارج دائرة الضوء قريباً، أو سيكون الصيف المقبل ساخناً على بلده وشعبه المغلوب على أمره. [email protected]