الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

يا الإمارات الحبيبة .. في كفوف رجالك سيوف وهدايا

مدخل .. كل ما في الأرض له وجه ومرايه له شبيه .. وله خيال .. وله حكاية إلا وجهك يا إمارات الجمال .. ما على هالأرض مثله ولا سكن بالأرض مثله وما مثل حسنه غواية هو حكاية ما تحملها كتاب وهو لوحده .. بس وحده هو مرايات السحاب .. الإمارات ... عز .. وشموخ .. وحياة * * * هناك عبارة تقول: "التاريخ لا يصنع العظماء .. وإنما العظماء هم من يصنعون التاريخ" وذات زمن مضطرب نبت عبدالرحمن الداخل "صقر قريش" من بين الصخور المحترقة وتوالى كسلسلة أقحوان .. أو كشعلة نار .. من رصافة الشام إلى مرافئ الأندلس، لينشئ بعزمه وهمته وبعد نظره أعظم حضارة في تاريخ الإسلام .. حضارة ظل صداها يقرع في الآذان حتى هذه اللحظة. وعلى ثرى الإمارات الشامخة كان هناك قصة شموخ أخرى نشأت من عزم الرجال الأشاوس الذين قرؤوا ببعد نظرهم مستقبل أمة وازدهار وطن .. فمن ينبوع الحياة على ضفاف جزيرة الظباء "أبو ظبي"، كانت بداية الملحمة وميلاد شعلة الحياة .. ففي باحات قصر "الحصن" كان الرجال يرسمون خارطة للحياة وللعزة وللمجد .. في تلك السنين كان الناس في كل مكان يخططون ليومهم، و"آل نهيان" يخططون لمجد أمه ودستور وطن. لم يتفردوا بالرأي وإن قادوه .. لأنهم يدركون ما ذهب إليه "المتنبي" حين قال: الرأي قبل شجاعة الشجعان .. هو أول وهي المحل الثاني فإذا هما اجتمعا لنفس حرة .. بلغت من العلياء كل مكان الحضارات تنبت بالرأي والإقدام لولا المشقة ساد الناس كلهم .. الجود يفقر والإقدام قتال وما قاله المتنبي في هذا البيت بالتحديد هو الذي صنعه جبابرة الإمارات منذ الأزل .. نقش تليد حفروه بعزمهم على جباه صفحات التاريخ، ليؤكدوا صدق المقولة في صناعتهم للتاريخ .. تاريخ رجال .. ووطن .. لازال يكتب مجده. * * * والد الأمة .. في الأندلس كان هناك "صقر قريش" .. ذلك الصقر العربي الأصيل الذي حلق في أحلك الأجواء وأغربها، غير آبه بكل المتغيرات ليرسخ حضارة الأندلس الفاخرة .. وفي الإمارات هنا "صقر الصحراء"، صقر تمرس في الإقدام .. وفي صيد "الهقوات" كيفما يشاء .. الشيخ زايد آل نهيان .. يرحمه الله، بدوي أصيل نبت في الصحراء كما تنبت أشجار "الغاف"، ولد في قصر "الحصن"، بين عبق التاريخ وبين رائحة الأجداد .. وفوق "خارطة المجد" العظيم الذي خط بعقول سبقت زمنها .. ولد فارساً وصياداً .. ولأنه "قناص" يجيد "طروق" القنص، فقد اصطاد بفراسته وسعة قلبه ومداد كرمه كل قلوب الإماراتيين بدون عناء ولا دماء .. فارس كان يؤسس للسلام والوحدة وللحياة، ولم يكن مستغرباً أن قاد فكرة "الاتحاد" من اجتماع "السمحة" .. حتى أصبحت الفكرة واقعاً، بل غدت مضرباً للمثل .. ومثيرة للغيرة .. فمن غير الكرام يفعلون ذلك؟ من غزل بعروقه ودمه حدود الاتحاد .. إلا زايد من زرع جرد الصحاري بالمحبة والوداد .. مثل زايد من ملك كل المشاعر في الحضور وفـ.. البعاد .. غير زايد كان مثل الغيم عالي .. وكان من جوده مطر وسّم جباه المعالي .. وفيّض الماء بالصخر زايد رحمه الله مؤسس الإمارات الحديثة، كان يهدف إلى تأسيس "وحدة الوجدان" قبل "وحدة البلدان" .. ولهذا غدت كل الإمارات .. "هذا أخو .. وهذا بن عم" وهنا تسمو العبقريات .. ومن هنا تبنى الحضارات الشامخة، ولأنه يملك هذا الفكر المضيء .. ولأنه يجيد فن "الوحدة" .. فقد قاد مع الشيخ جابر الأحمد رحمه الله فكرة "مجلس التعاون الخليجي"، بل إنه أول من استضاف الأشقاء في أبوظبي، ورأس أول دورة لوحدة القلوب الخليجية .. زايد الخير .. زايد العطاء .. حينما زرع المفاهيم الأساسية "للعزة والمحبة والعدل" في وجدان الشعب الإماراتي .. ومزج حكام هذا الوطن مع الشعب .. كان يدرك أنه أسس أقوى البنيان .. وأن إمارات الوحدة ستغرد خارج السرب دون توقف أو ملل .. وهذا ما يظهر في قصيدته رحمه الله حينما قال : دنيا محلا وطرها .. فيها زهت لنوار كثر الخير وشجرها .. وتوفرت لثمار ياها السعد وغمرها .. من والي الأقدار عم البر وبحرها .. وفاضت بها لنهار تتوافد لقطرها .. عالم من الزوار تتفسح في شجرها .. واورودها ولزهار فيها المها مكثرها .. واريومها ولمهار ياسعد اللي نظرها .. واتحف به الأسرار نحمد لذي صورها .. واوهب لها لخيار وعظمها في قدرها .. إبجاه واعتبار .. وكأنه رحمه الله يستشرف مستقبل الإمارات، ولا عجب .. فمن يزرع .. يعرف حصاده .. رحمك الله يا والد هذه الأمة .. فقد زرعت حضارة لا تغيب شمسها .. * * * وطن الحياة .. الحديث عن الإمارات مربك ومحرج لأي كاتب أو متحدث مهما بلغت ثقافته .. فالإمارات لها بداية .. لكنها تشبه المستحيل أو ربما المجهول الذي لا تستطيع له نهاية .. وطن يترجم معنى الحياة .. وطن هاجرت إليه القلوب والعقول، مثلما تهاجر الطيور لأنها كالطيور لا تذهب إلا إلى مواطن الأمان والحياة، في شوارعها وإداراتها وأسواقها ومحاكمها .. يطل العدل من بين أحجار المباني، ومن شفاه وأعين الرجال .. تشعرك بالأمان في كل تفاصيلها .. فلا فرق أن تسير في طرقاتها فجراً عن السير فيها في عز الظهيرة .. وطن خلاق مذهل .. ومتداخل في أطرافه وروحه، فإن كنت في دبي لا تشعر حقاً أنك أصبحت في الشارقة، ومن دبي إلى أبو ظبي تدرك وأنت الزائر المسافر أنك أينما ذهبت فإنك في "العين" والقلب معاً.. "رأس الخيمة" و"أم القيوين" و"عجمان" و"الفجيرة" .. بلاد توحدت بوجدان أهلها وتمازجت مع شقيقاتها .. "أبو ظبي" و "دبي" و "الشارقة" .. لتردد بفخر وعزة: عيشي بلادي عاش اتحاد إماراتنا عشت لشعب دينه الإسلام هديه القرآن حصنتك باسم الله يا وطن بلادي .. بلادي .. بلادي * * * الإمارات خلية عطاء منذ أن وحدها زايد، ولهذا لم تتوقف عند حرية شعبها وعزة إماراتها، بل تعدت برأي الشيخ خليفة بن زايد رعاه الله وولي عهده الشيخ محمد بن زايد حماه الله، وأبناء زايد الخير .. لمساعدة الشعوب المضطهدة والدول الممزقة .. لتتنفس من هواء الحرية والتسامح .. الإمارات حضارة نخبوية باتت تصدر "الحياة" لكل بقاع الأرض .. وعلى الرغم من كل ما كتبت .. فقد هزمتني الإمارات وأنا على صهوة قلمي، وما لي إلا أن أستعير شعر مؤسس الإمارات .. الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله لأقول لكم: ولكم ضميري صافي .. ولغيركم مايضم وأنتوا من الأشرافي .. ولكم قدر بيعم منتوا من الأطرافي .. دانات عزر ويم والاحترام الكافي .. حق علينا يتم أخيراً .. الإمارات ليست عمارات ومباني، وليست نهضة فكرية .. هي حضارة إرادة ومنهج أمة، وفكرة رجال أثبتوا للعالم أن الحضارات الحقيقية تبنى بالسلام والسمو .. كنا نقول هنا الأندلس .. وبتنا نقول .. هنا الإمارات. حفظ الله الإمارات الغالية حكومة وشعباً .. * * * النهاية .. يالإمارات الحبيبة .. في كفوف رجالك سيوف وهدايا للسلام أنت أمان الآمنين وللغضب .. لا جا الغضب وقت المنايا .. هذا وجهك يالجميلة وهذا صوت مرايتك والله ما لي فيك حيلة صعب وصف حكايتك الإمارات .. عز .. وشموخ .. وحياة