الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

حدود الخيال

يكمل الإطار المنظومة الفنية للوحة التشكيلية، يخفي عيوب بعضها ويحمي بعضها الآخر، يتنافر وينسجم مع موضوعاتها وألوانها وخطوطها، وينقسم إلى مدارس وأنواع وخامات، يضفي عمقاً أو بعداً أو مهابة. وفي المقابل، يرى فنانون أن الإطار يجسد القيود ويحد من الحرية والخيال، ويشكل عامل تطفل على المحتوى الإبداعي، مفضلين عدم الاستعانة به، حتى لا يحد الإطار من المدى الفني الرحب للوحة التشكيلية، ونظرة المشاهد وتقبله له. ويشكل الإطار بالنسبة إلى الفنانة الإماراتية فرشتة البستكي إضافة مهمة إلى لوحتها، تشعر عند وضعه بأنه غيّر الكثير من مشاعرها تجاه عملها الفني، الأمر الذي يشعرها بالحيرة والقلق عند الاختيار. ودفعها قلقها الإبداعي إلى رسم أطراف لوحاتها بألوان معينة لتستغني نفسياً عن وضع الإطار وتترك لمقتني اللوحة حرية اختيار إطار لها بما يتناسب مع رغبته وذوقه، لكنها تضطر إلى الاستعانة بالإطار التقليدي، لأن بعض القاعات الفنية تلزمها به، وتعتبره قيداً لا تفضله. أما الفنانة أم خليفة الرميثي، فتتقمص دور مقتني اللوحة أو مشاهدها عند وضع إطارها، وتعتقد أن اللوحة تصبح جاهزة للبيع عندما تؤطر، وهو ما تفعله عند رؤيتها لوحة تشكيلية جديدة. وتؤكد الرميثي أهمية قيمة الإطار الجمالية المضافة إلى لوحة، مفضلة اختيار إطار موحّد بالنوعية واللون ذاتهما عند إقامة معرض شخصي لها، لأنه يمنح اللوحات فخامة ورقياً. وحسب الفنان خالد شاهين، تخفي الإطارات بعض عيوب اللوحة مثلما تخفي الملابس أحياناً عيوب الجسم غير المتناسق، معترفاً بأن هناك أعمالاً غير متقنة بنسبة 100 في المئة، لكن وضع إطار لها يزيد قيمتها الفنية بنسبة تصل إلى 30 في المئة. ويوضح شاهين أن الإطارات مدارس مثل الفنون، منها الكلاسيكي الذي يرجع إلى عصر النهضة، المزخرف وبلون ذهبي والذي يصنعه الفني أو «النجار» بيده حسب الطلب أو الحديث بخامات مختلفة. وينبه إلى أن بعض الفنانين يضعون إطارات غير مناسبة للوحاتهم، كأن يزودوا أعمالاً ذات موضوع معاصر بإطار كلاسيكي مزخرف أو يبالغون كثيراً في حجم الإطار على حساب اللوحة دون الالتزام بالقواعد الفنية. وفي ذلك السياق، يشير شاهين إلى أن الإيطاليين أصحاب عصر النهضة هم روّاد صناعة الإطارات، خصوصاً في مدن فلورنسا، فينيسيا وفيرونا التي شكلت ركيزة الفنون التشكيلية العالمية. ويشدد على ضرورة توحيد إطارات لوحات المعرض الشخصي الواحد لما لها من قيمة جمالية مهمة. وتتفرد اللوحات المائية بوضع إطارات مزودة بواجهات بلاستيكية شفافة تشبه الزجاج، لكونها ذات ألوان عرضة للتغيير والاختفاء بمرور الوقت، على خلاف اللوحات الزيتية الأكثر متانة وصموداً أمام الزمن.