الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الإنترنت من الفضاء

الإنترنت من الفضاء
على مدار العام الماضي، أطلقت شركة «سبيس إكس»، التي يديرها الملياردير «إيلون ماسك»، أكثر من 500 قمر صناعي في مدار حول كوكب الأرض، وذلك لبناء شبكة عملاقة تهدف إلى توفير الاتصال بالإنترنت من أي مكان على كوكب الأرض.

الآن وبعد استقرار أغلب الأقمار في مدارها بدأ مشروع «ستار لينك» في تنفيذ التجارب العملية، حيث طلب عبر موقعه الإلكتروني من المتطوعين التسجيل لتجربة الخدمة الجديدة ومعرفة مدى إتاحتها في مختلف المناطق الجغرافية.



بمجرد التسجيل بالبريد الإلكتروني والرمز البريدي سوف ترسل الشركة بريداً للتأكيد يقول: «خدمة ستارلينك تم تصميمها لتقديم الإنترنت عالي السرعة واسع النطاق إلى المواقع التي كان الوصول إليها من قبل باهظ التكلفة أو غير ممكن على الإطلاق»، وتؤكد الرسالة أن التجارب الأولى للخدمة مع المتطوعين سوف تبدأ خلال الأسابيع المقبلة، وسوف يتبعها بعد ذلك اختبارات عامة على نطاق واسع.


ويقول الخبراء إن الإنترنت أعاد تشكيل الحضارة الإنسانية لدرجة اعتباره حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، ورغم ذلك فإن إمكانية الوصول إلى الإنترنت لا يمتلكها إلا نحو نصف سكان العالم، مع غياب إمكانية الوصول عن المجتمعات الفقيرة والمحرومة، الأمر الذي يوسع الفجوة الرقمية بين المناطق والمجتمعات والدول.

ويرى «إيلون ماسك» الرئيس التنفيذي لشركة «سبيس إكس» إن مشروع «ستار لينك» من شأنه أن يكون مزوداً مناسباً للإنترنت باستطاعته توفير اتصال «لائق» بما يعني سرعة اتصال 1 غيغا بايت بالثانية، للأشخاص والمناطق التي تفتقر إلى الوصول للاتصال عريض النطاق بالإنترنت، ويوضح أن الخدمة لا تهدف إلى استبدال مزودي خدمات الإنترنت التقليدية، خاصة في المدن والمناطق التي لن تكون فيها خدمة الإنترنت الفضائية فعالة أو تنافسية.

وأوضح «ماسك» على تويتر أنهم يتوقعون أن تعمل الخدمة على نطاق واسع اعتباراً بنهاية هذا العام.

ستار لينك «ليست الوحيدة التي تقدم الإنترنت السريع من الفضاء، حيث تنافسها شركة أخرى مقرها لندن تحمل اسم «ون ويب»، والتي أطلقت دفعتين من مجموعات الأقمار الصناعية الخاصة بالمشروع، كان آخرها في شهر فبراير الماضي حيث أطلقت إلى السماء مجموعة من 36 قمراً صناعياً.

ولكن خطط «ون ويب» تعرضت لضربة قاصمة في نهاية مارس الماضي، عندما قامت الشركة بإعلان إفلاسها بعد أسبوع واحد من إطلاق الأقمار الصناعية، بما يستدعيه ذلك من تسريح غالبية العاملين وهيكلة الأعمال، وإيقاف جميع خطط العمل حتى يتم تسوية القضايا المالية بين المحكمة والمستثمرين. واعتبر أدريان ستينكل، أن الموقف الصعب الذي وصلت إليه الشركة يرتبط مباشرة بتداعيات أزمة فيروس «كورونا» وتأثيراته الاقتصادية على العالم. وقالت الشركة في بيان صحفي إنها كانت تعمل للحصول على تمويل جديد منذ بداية 2020 ولكن المفاوضات لم تصل إلى نتيجة.

ورغم هذا الوضع الصعب، فإن «ون ويب» تمتلك حالياً 74 قمراً صناعياً تدور حول الأرض، وكانت خطط الشركة تتمحور على بدء خدمات الإنترنت الفضائي اعتباراً من عام 2021، ولكن تبدو هذه الخطط حالياً غير قابلة للتطبيق بعد تقديم طلب إعلان الإفلاس، خاصة أن الشركة حصلت على تمويل بإجمالي 3.4 مليار دولار قبل إعلان الإفلاس حيث يرى المحللون أنها ستحتاج للوصول إلى 7.5 مليار دولار لاستكمال إطلاق كوكبة الأقمار الصناعية القادرة على توفير الخدمات على نطاق واسع، وهو الأمر الذي يبدو صعب التحقيق حالياً.

وبينما تنظر الغالبية العظمى في أنحاء العالم لهذا المشروع وغيره من المشروعات المشابهة باعتباره خطوة إيجابية لتوصيل الإنترنت للمناطق المحرومة، إلا أن الكثيرين ينتقدون المشروع خاصة مع انطلاق مجموعات كبيرة من الأقمار الصناعية، وأصبح ممكناً ملاحظتها بالعين المجردة من الأرض، حيث أعربت الكثير من المنظمات الفلكية ومراقبي النجوم الهواة عن قلقهم الكبير من التلوث الضوئي الناجم عن الانعكاسات الساطعة للمركبات الفضائية.

وقال الاتحاد الفلكي الدولي، الذي يمثل أكثر من 13 ألف عضو، في بيان أصدره العام الماضي إنه يتبنى مبدأ «السماء المظلمة والهادئة من موجات الراديو، ليس فقط لتعزيز فهم البشر للكون الذي نعتبر جزءاً منه، ولكن أيضاً كمورد للبشرية جمعاء وحماية الحياة البرية الليلية».

وحذر الاتحاد من أننا حتى الآن «لا نفهم تأثير آلاف الأقمار الصناعية المرئية المنتشرة في سماء الليل، وعلى الرغم من حسن النوايا وراء المشروع، إلا أن الأقمار الصناعية ربما تهدد الحياة الفضائية التي اعتادت عليها البشرية طوال تاريخها».

ولمواجهة تلك الانتقادات والمخاوف، أضافت شركة «سبيس إكس» مظلات شمسية تعمل على تقليل الوهج والإضاءة الناتجة عن الأقمار الصناعية وذلك للمجموعة الجديدة التي أطلقتها مؤخراً ضمن هذا المشروع، ونظراً لأن المشروع يتضمن مئات الآلاف من الأقمار الصناعية الفردية، سيكون من المهم للغاية التأكد من أنها لا تتداخل في مسارات المركبات الفضائية الموجودة فعلاً، وأنها لا تؤدي لتلويث مشهد السماء الليلية الرائق.