الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

منصة التطرف البديلة

بعد قيام تويتر، والعديد من الشبكات الاجتماعية الشهيرة بحظر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكذلك قيام عمالقة شركات التكنولوجيا بتعطيل عمل شبكة «بارليه»، التي كانت المركز البديل للجماعات اليمينية المتطرفة، برزت شبكة أخرى للوجود باعتبارها الملاذ الملائم لجماعات التفوق الأبيض من أنصار ترامب ومؤيديه، هذه الشبكة التي بدأت تحتل عناوين الأخبار مؤخراً هي منصة «غاب».



أفسح موقع غاب المجال الكامل للشخصيات اليمينية المتطرفة وجماعة «كيو أنون»، وهي المجموعة الفضفاضة لنظريات المؤامرة. وتفتخر شبكة "غاب" بأنها تسمح للمستخدمين بنشر كل ما يرغبون به، ولكن من أجل الالتفاف على قوانين النشر تشير الشبكة إلى أنه من مهامها اتخاذ الإجراءات لمنع وحذف أي نشاط غير قانوني في مجتمعها الافتراضي.

وبشكل عام، تسود الأفكار اليمينية المتطرفة أرجاء الموقع، والتي تراوح بين «الميمز» المختلفة إلى نظريات المؤامرة المغرقة في الخيال، ويكفي هنا الإشارة إلى أن الفكرة السائدة في تلك الشبكة حول عملية اقتحام الكونغرس تدور حول تمويل الملياردير جورج سورس لمتسللين من حركة الاحتجاج اليسارية «أنتيفا» بالتنسيق مع الشرطة وسياسيين فاسدين.



وعلى الرغم من وجود هذه الشبكة منذ عام 2016 كبديل لمواقع التواصل الاجتماعي السائدة، فإنها شهدت زيادة هائلة في عدد المستخدمين خلال الأيام الماضية، وتأتي هذه الزيادة مواكبة لقرارات غالبية الشبكات الاجتماعية بإيقاف حسابات الرئيس الأمريكي وعدد من كبار الشخصيات المحافظة التي تم اعتبارها محرضة على العنف بعد غزو أنصار ترامب مبنى الكابيتول.


وتأسست هذه الشبكة على يد «أندرو توربا» الذي عمل في وادي السيلكون مع شركات التقنية العملاقة، ولكنه لم يتوافق مع بيئة العمل باعتبارها «ليبرالية» أكثر مما ينبغي، ومع العديد من التقارير التي رصدت أن الموضوعات المتحيزة ضد المحافظين على شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك» هي الأكثر انتشاراً، قرر الرجل إنشاء شبكته الخاصة كموقع يحتفي بالشخصيات والأفكار المحافظة.

وفي حوار صحفي عند إنشاء الشبكة قال توربا: «لم أخطط لبناء شبكة اجتماعية محافظة بأي شكل، ولكني شعرت أن الوقت قد حان لتوفير منتدى يسمح لأي شخص أن يتقدم ويتحدث بحرية ودون خوف من الرقابة، لأن كل منفذ اتصال، وكل شبكة اجتماعية رئيسية يديرها ويملكها ويتحكم فيها قادة ليبراليون وموظفون تقدميون في وادي السيليكون».

احتلت تلك الشبكة عناوين الأخبار في عام 2018، بعد قيام شخص مسلح بفتح النار على معبد يهودي في مدينة بيتسبرغ وقتل 11 من رواده، ليكتشف الجميع أن «روبرت باورز» المتهم بارتكاب الجريمة أمضى شهوراً طويلة في نشر الكثير من الخطابات والأفكار المعادية لليهود عبر شبكة غاب دون أي قيود.

بعد الحادث، قالت الشبكة في بيان إن المسؤولين قاموا بحذف حساب باورز، والاتصال بمكتب التحقيقات الفيدرالي ومساعدتهم في المعلومات، ورغم ذلك واجهت الشبكة العديد من المشاكل بما فيها حظر خدمة «باي بال» لتبادل الأموال، بالإضافة إلى توقف شركة «غو دادي» عن استضافة الموقع. وأدى هذا الأمر إلى توقف خدمات الشبكة لفترة أكثر من أسبوع قبل انتقالها إلى خدمة استضافة «إيبك» والمعروفة باستضافة العديد من منتديات النازيين الجدد التي نشأت داخلها بالأساس جماعة «كيو أنون».

ولكن مع التطورات الأخيرة من صدام الشبكات الاجتماعية التقليدية مع الجماعات اليمينية وعلى رأسها دونالد ترامب، استفادت «غاب» من زيادة عدد مستخدميها بطريقة ملحوظة، بل إنها بدأت في محاولة استقطاب المزيد من الشخصيات العامة.

لم تكن هذه المواقف مفاجئة، فمنذ نشأتها رحبت منصة «غاب» بمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي المبعدين عن المنصات التقليدية، وجذبت بشكل عام أصحاب الأفكار المتطرفة، وعندما علقت منصة تويتر عدد من حسابات اليمينيين بعد انتخابات الرئاسة عام 2016، بما في ذلك القومي الأبيض «ريتشارد سبنسر»، رحبت بهم «غاب» بأذرع مفتوحة.

وفى شهر أكتوبر الماضي، عندما قامت شبكة «فيسبوك» بإزالة عدد من الحسابات المرتبطة بجماعة «كيو أنون»، نشر مؤسس غاب تدوينة ترحب بهم للنشاط في موقعه قائلاً: «يسر غاب أن تعلن عن ترحيبها بجميع حسابات كيو أنون عبر شبكتنا الاجتماعية ومزوداتها الإخبارية ومنصات الدردشة المشفرة الخاصة بها.»

ويبدو أن الشعبية الجديدة التي حصلت عليها المنصة الاجتماعية جعلت مؤسسها يتوقع أن تتعرض إلى حملة هجوم من الإعلام التقليدي، حيث كتب أنه خلال الأسابيع المقبلة من المتوقع أن تظهر موضوعات تتعلق بالتغريدات القديمة والمنشورات ذات الأفكار المتطرفة التي نشرها توربا خلال السنوات الماضية، ومع ذلك كتب الرجل: «أقول مقدماً، لن أعتذر عن أي شيء على الإطلاق، ولا أندم على أي مما قمت به».