الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

مبتكر تقنية العلاج بجزئيات النانو يشرح لـ "الرؤية" طريقة تطبيب أمراض المناعة الذاتية

مبتكر تقنية العلاج بجزئيات النانو يشرح لـ "الرؤية" طريقة تطبيب أمراض المناعة الذاتية
تُعد أمراض المناعة الذاتية أحد أكثر الأمراض انتشاراً حول العالم، إذ تصيب حوالي 1 من كل 4 أشخاص يعيشون على سطح كوكب الأرض.

وتضم أمراض المناعة الذاتية قائمة كبيرة للغاية الأمراض، أكثرها شيوعاً الروماتويد، والذئبة الحمراء، والتصلب المتعدد، والتهاب عضلة القلب والتهاب الكبد والتشمع الصفراوي.

وفي ذلك النوع من الأمراض، يقوم جهازنا المناعي بمهاجمة الجسم، إذ يفشل في التعرف على البصمة الوراثية لأعضائنا الداخلية معتبراً إياها كائنات غازية تتسبب بالمرض، ولا يستطيع تفريقها عن الفيروسات أو البكتيريا.


وإلى الآن، لا يوجد علاج لتلك الأمراض، إلا أن أملاً كبيراً يلوح في الأفق بفضل ابتكار مجموعة من الجزيئات النانوية القادرة على التسلل عبر الدم، ومهاجمة الخلايا الالتهابية، التي تُسبب أمراض المناعة الذاتية.


فقد كشفت دراسة أجراها باحثون في جامعة واشنطن الحكومية عن نهج علاجي جديد محتمل يُمكن أن يسهم في علاج مجموعة واسعة من الأمراض الالتهابية، التي تشمل التسمم، والسكتات الدماغية، والتهاب المفاصل الروماتويدي، وإصابات الرئة الحادة، وتصلب الشرايين.

وبحسب البحث المنشور في دورية «ساينس أدفنساس»، تتعلق التقنية ببراءة اختراع للباحثين، تستخدم جزيئات متناهية الصغر لنقل العقاقير المميتة إلى داخل الخلايا المنشطة للالتهاب، المعروفة باسم العدلات، وهي الخلايا المسؤولة عن الاستجابة المناعية المبالغ فيها والتي تُسبب الأمراض الالتهابية من الأساس.

وتستطيع تلك الجزيئات قتل الخلايا المنشطة للالتهاب بشكل انتقائي دون الإضرار بالأنواع الأخرى من الخلايا، أو المساس بجهاز المناعة.

ويقول مبتكر تلك التقنية زينغا وانغ، في تصريحات خاصة لـ«الرؤية» إن تلك الطريقة يُمكن أن تستخدم في القضاء على مجموعة من الأمراض المناعية، كالروماتويد والتهاب الكبد الصفراوي، علاوة على إمكانية استخدامها لمهاجمة سرطان الدم الليمفاوي الحاد غير القابل للعلاج، مشيراً إلى أن الجزيئات النانوية «تلتصق بمسببات الالتهاب وتضخ داخلها علاجاً كيميائياً يقضي عليها بالكامل».

وتشكل «العدلات» ما يصل إلى 70% من خلايا الدم البيضاء في الجسم، والتي تعد خط الدفاع الأول للجهاز المناعي. وتُنتج «العدلات» في النخاع العظمي، وتتحرك في مجري الدم بحثاً عن الفيروسات والبكتيريا ومسببات الأمراض الغازية الأخرى لصدها. وتدور تلك الخلايا في مجرى الدم لمدة تراوح بين 8 و20 ساعة ثم تعود إلى نخاع العظام مرة أخرى، كجزء من عملية طبيعية تعرف باسم موت الخلايا المبرمج، ما يساعد في الحفاظ على توازن الجهاز المناعي.

ومع ذلك، يُمكن للاتهاب الناجم عن مُسببات الأمراض أو الأنسجة التالفة تنشيط «العدلات» وإبقاءها على قيد الحياة لفترة أطول من العمر الطبيعي، وهذا أمر يُزيد من عددها في الدم، ويسمح لها بغزو الأنسجة السليمة، ما يؤدي إلى أضرار في الأعضاء الرئيسة، يُمكن أن ينجم عنها الوفاة.

ففي تلك الحالة، لا تفرق «العدلات» ما بين الأعداء والأصدقاء، إذ تهاجم كل الخلايا مُطلقة بروتينات فتاكة في الجسم تُسبب تدهور حالة الأعضاء الحيوية.

في تلك الورقة، ابتكر الباحثون جسيمات متناهية الصغر قادرة على حمل جزيئات من «دوكسوروبيسين»، وهو دواء كيميائي شائع الاستخدام.

تُصنع تلك الجزيئات من الألبومين، وهو بروتين يُفرز بشكل طبيعي في الجسم، وبعد تحميل الجزيء بالدواء الكيميائي، يرتبط ذلك الجزيء بمستقبلات موجودة على سطح العدلات، تلك المستقبلات يتم تنشيطها فقط في حالة الأمراض الالتهابية. أي أن تلك الجسيمات النانوية ستستهدف فقط العدلات الالتهابية تاركة العدلات السليمة دون أن تصاب بأى أذى.

لكن.. كيف يُمكن للجسيمات النانوية تحديد توقيت إطلاق المادة الدوائية؟

يقول زاينغ إنه لضمان عدم إطلاق الدواء قبل وصوله إلى العدلات الالتهابية، صمم فريقه البحثي رابطة بين الجسيمات النانوية وجزيئات الدواء، تسمح لها بالانتقال عبر مجري الدم، وتمنعها من إطلاق الدواء إلا في حالة تفاعلها مع الوسط الحمضي في «العدلات»، وهو الوسط الذي تنتجه «العدلات» في حالة وجود الأمراض الالتهابية.

وقام الباحثون باختبار التقنية على فئران التجارب المُصابة بتعفن الدم، وهي حالة صحية تُهدد الحياة وتسبب التهاباً واسع النطاق في الجسم. كما اختبروها على فئران أخرى مُصابة بالسكتات الدماغية، والناجمة عن جلطات دموية تعرقل تدفق الأكسجين والدم إلى المخ وتسبب استجابة التهابية ضارة عند استعادة تدفق الدم.

وأشارت النتائج إلى أن الجسيمات النانوية يُمكن استخدامها بنجاح لزيادة فرص البقاء على قيد الحياة في الفئران المصابة بالتسمم، وتقليل الأضرار العصبية الناتجة عن السكتات الدماغية.

ويُخطط الفريق البحثي لإجراء مزيد من التجارب لمعرفة ما إذا كان ممكناً تحسين أداء الجسيمات النانوية التي تحمل الدواء، وستكون الخطوة التالية اختبار التكنولوجيا في التجارب السريرية البشرية للوقوف على احتمالية استخدامها كاستراتيجية علاجية متاحة للمرضى بالأمراض الالتهابية.