الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

التعرض للهواء الملوث في الصغر يرتبط بسوء الصحة العقلية في الكبر

التعرض للهواء الملوث في الصغر يرتبط بسوء الصحة العقلية في الكبر

تقدر منظمة الصحة العالمية حالياً أن 9 من كل 10 أشخاص في جميع أنحاء العالم يتعرضون لمستويات عالية من ملوثات الهواء الخارجية، والتي تنبعث أثناء احتراق الوقود الأحفوري في السيارات والشاحنات ومحطات الطاقة، ومن خلال العديد من عمليات التصنيع والتخلص من النفايات، والعمليات الصناعية.

كشفت دراسات سابقة أن التعرض للملوثات يُزيد فرص الإصابة بأمراض القلب الوعائية.. إلا أن دراسة جديدة تقول إن تلوث الهواء يُمكن أن يُسبب أيضاً الإصابة بطيف واسع من الأمراض النفسية والعصبية.

وقال مؤلف الدراسة والباحث في علم النفس الإكلينيكي بجامعة ديوم، آرون روبن: «إن نتائج دراسة جديدة استمرت لأكثر من 15 عاماً تؤكد أن التعرض للتلوث في الصغر قد يُدمر الصحة العقلية في مرحلة المراهقة».



وأكد روبن أن الشباب الذين تعرضوا لمستويات أعلى من ملوثات الهواء وخاصة أكاسيد النيتروجين أثناء الطفولة «تتأثر صحتهم بشدة وقد يُصابون بعدد من الأمراض العقلية والنفسية».


حددت الدراسات السابقة وجود صلة بين تلوث الهواء وخطر الإصابة باضطرابات نفسية معينة، بما في ذلك الاكتئاب والقلق، لكن هذه الدراسة نظرت في التغيرات في الصحة العقلية التي تشمل جميع أشكال الاضطرابات والضغوط النفسية المرتبطة بالتعرض لملوثات الهواء المرتبطة بحركة المرور.

وكشفت النتائج أنه كلما زاد تعرض الفرد لأكاسيد النيتروجين عبر الطفولة والمراهقة، زاد احتمال ظهور علامات للمرض العقلي عند الانتقال إلى مرحلة البلوغ خاصة في سن 18.

ولا توجد دراسات كافية ترصد العلاقة بين التعرض لتلوث الهواء وأعراض المرض العقلي لدى الشباب الصغار، إلا أن تلك الدراسة أظهرت أن التعرضات الضارة المنتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم تُسهم بشكل كبير في العبء العالمي للأمراض النفسية.

وأضاف روبن: «المواد السامة المتواجدة في الهواء الملوث تسبب تلفاً خطيراً في الخلايا العصبية الدماغية، وهو ما يُسبب الأمراض النفسية والعقلية، خاصة حين يكون التعرض للملوثات عالياً في مرحلة الطفولة التي يتشكل فيها الدماغ».

وفي دراسة سابقة، قال باحثون من جامعة كينجز كوليدج البريطانية: «إن التعرض لتلوث الهواء في مرحلة الطفولة قد يؤدي إلى تفاقم خطر الإصابة بالذهان لاحقاً في مرحلة الشباب».

وقال روبن: «قررنا جمع عينات تخص مجموعات من الشباب المُصابين بأمراض عقلية ونفسية ومقارنتها بمستويات تلوث الهواء في مناطق سكنهم. بعد ذلك قمنا بمتابعة مجموعة من الأطفال طيلة 15 عاماً للوقوف على مدى علاقة التلوث بالمرض العقلي والنفسي».

وأكدت نتائج الدراسة تفاقم خطر الإصابة بالأمراض العقلية والذي قد يظهر بشكل مختلف في الأطفال المختلفين تبعاً لمستويات التلوث التي يتعرضون لها في الصغر.

في تلك الدراسة؛ قام الباحثون بقياس التعرض لملوثات الهواء - وخاصة أكاسيد النيتروجين (NOx)، والملوث الغازي المنظم، والجسيمات الدقيقة (ملوثات ضبابية منظمة مع جزيئات معلقة يقل قطرها عن 2.5 ميكرون).

في العينة التي درسها الباحثون، تم العثور على 22% من حجم العينة تعرضوا لأكاسيد النيتروجين التي تجاوزت إرشادات منظمة الصحة العالمية، و84% تعرضوا للجسيمات الدقيقة التي تجاوزت المبادئ التوجيهية.

وقام فريق البحث بتقييم الصحة العقلية للمشاركين في سن الـ18 عاماً، عبر استكشاف الأعراض المرتبطة بعشرة اضطرابات نفسية مختلفة تشمل الاعتماد على الكحول أو الحشيش أو التبغ، اضطراب السلوك واضطراب نقص الانتباه، وفرط النشاط، والاكتئاب الشديد واضطراب القلق العام، واضطراب ما بعد الصدمة، واضطراب الأكل، وأعراض اضطراب الفكر المتعلقة بالذهان.

وقام الباحثون أيضاً بتقييم خصائص الحي السكني للأطفال لمراعاة ظروف الأحياء المحرومة التي ترتبط بمستويات تلوث الهواء المرتفعة وخطر الإصابة بالأمراض العقلية.

ووجد الباحثون زيادة في مستويات المرض النفسي عند سكان الأحياء الفقيرة «وهو أمر يعكس تأثير حرمان هؤلاء الفقراء من الهواء النظيف على صحتهم العقلية» على حد قول روبن.

وتشير الأدلة السابقة إلى أن التعرض لملوثات الهواء يمكن أن يؤدي إلى التهاب في الدماغ، ما قد يؤدي إلى صعوبة في تنظيم الأفكار والعواطف.