الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

الكوارث الطبيعية تضاعف معدل «العنف ضد النساء»

الكوارث الطبيعية تضاعف معدل «العنف ضد النساء»

تبقى قضية العنف ضد النساء واحدة من أبرز القضايا على الساحة الدولية، إذ إنها وعلى حد قول منظمة الأمم المتحدة، واحدة من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً واستمراراً وتدميراً في عالمنا اليوم، ولا تزال أبعاد تلك القضية مجهولة إلى حد كبير بسبب ما يُحيط بها من ظواهر تمنع عقاب مرتكبيها خاصة مع صمت النساء ووصم من تتحدث منهن بالعار.

ويبدو أن للكوارث الطبيعية دوراً في تلك الظاهرة. إذ تشير دراسة حديثة نشرت نتائجها في دورية BMJ GLOBAL HEALTH إلى أن المخاطر الطبيعية -كالزلازل والبراكين والاوبئة- تسبب تضاعف انتهاكات النساء وتُزيد من العنف ضدهم.

وحسب إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، يُعرف العنف ضد المرأة على أنه الفعل العنيف الممارس ضدها نتيجة جنسها وما يترتب عليه من معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بالحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.

ونظراً لأن هذه الكوارث تتزايد في تواترها وشدتها ومدتها في جميع أنحاء العالم، يجب الآن الاعتراف بأنها تتسبب في تزايد العنف ضد الفئات الأضعف ومن ضمنها النساء. ويقول الباحثون إن تلك النتيجة ستؤثر في استراتيجيات الصحة العامة والوقاية من العنف وإدارة الكوارث.

على مدى العقدين الماضيين، تم تسجيل 7348 كارثة ناجمة عن الأخطار الطبيعية. هذا هو ما يقرب من ضعف الرقم المسجل بين عامي 1980 و1999.

وبين عامي 2008 و2017، كانت معظم الكوارث المسجلة (84%) مرتبطة بقضايا المناخ.

وبنى الباحثون استنتاجاتهم على مراجعة منهجية للأدلة المنشورة المتاحة، والنظر في العلاقة بين الكوارث الناجمة عن الأخطار الطبيعية والعنف ضد النساء والفتيات.

من بين 37 دراسة ذات صلة، كانت 20 دراسة كمية، و16 دراسة نوعية (مقابلات، دراسات حالة) وواحدة كانت تصميماً متعدد الأساليب.

وقام الباحثون بتقييم التعرض للكوارث التي تسببها أنواع مختلفة من الأخطار الطبيعية، بما في ذلك الجفاف والفيضانات والأعاصير. كان العنف الذي تتعرض له النساء جسدياً ونفسياً وجنسياً بالدرجة الأولى.

كما تناولت بعض الدراسات القتل، والسلوك المسيطر أو العدواني، والزواج المبكر القسري، والعنف المالي.

وقالت الدراسة إن أكثر من ثلث الجناة (37%) كانوا شركاء حاليين أو سابقين، و15% من الأقارب، و12% من الغرباء، و11% من شخصيات في السلطة، و8% من الأصدقاء أو الجيران، و16.5% غير محددين أو أنواع أخرى من الجناة.

وجدت 8 دراسات كمية من أصل 20 أن الكوارث الطبيعية مرتبطة بزيادة العنف ضد النساء والفتيات، ووجدت 4 دراسات أخرى ارتباطات إيجابية بأنواع معينة من العنف.

وظهرت 3 محفزات رئيسية محتملة للعنف ضد النساء من ضمنها زيادة الضغوط التي تثير العنف، مثل الصدمات النفسية، وقضايا الصحة العقلية، وانعدام الأمن المالي، وزيادة البيئات التمكينية للعنف مثل غياب الشرطة والقوانين التي تعاقب ممارسي العنف، وغياب الخدمات الصحية والدعم، وانهيار الهياكل الأسرية والعزلة الاجتماعية، وتفاقم الدوافع الحالية، مثل عدم المساواة بين الجنسين والتفاوتات الاجتماعية، ونقص تمثيل المرأة ودمجها في المجتمع والوظائف العامة.

وأشار الباحثون إلى أن العواقب الصحية على النساء تشمل الحمل غير المقصود، والإجهاض غير الآمن، والأمراض المنقولة جنسياً، وسوء الصحة العامة للأمهات والأطفال، والإصابات الجسدية، ومشاكل الصحة العقلية، والوفيات الناجمة عن القتل أو الانتحار.

وقالت مؤلفة الدراسة والباحثة في كلية طب لندن، أليسا ثورستون في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»: «وجدت الدراسة أن الكوارث التي تسببها الأخطار الطبيعية - مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف - قد تؤدي إلى العنف الجسدي والنفسي والجنسي ضد النساء والفتيات، مشيرة إلى أن الأدلة الحالية للعنف ضد النساء والفتيات ما بعد الكوارث تثبت أنها قضية عالمية تحدث في البلدان المرتفعة والمتوسطة والمنخفضة الدخل - وليس فقط في سياقات معينة أو كوارث محددة».

هناك بعض الأسباب المحتملة لزيادة العنف ضد النساء والفتيات في حالات الكوارث. فقد يؤدي «الإجهاد المتزايد الناجم عن فقدان الدخل أو السكن بسبب الكوارث، فضلاً عن مشاكل الصحة العقلية الناتجة عن التجارب المؤلمة إلى زيادة السلوك العنيف تجاه النساء والفتيات».

وأضافت ثورستون، أن مخيمات ما بعد الكوارث أو ملاجئ الإجلاء «محفوفة بالمخاطر بشكل خاص للنساء والفتيات بسبب تدني مستوى الأمن ووجود الشرطة المحدود». والأهم من ذلك «يبدو أن التفاوتات القائمة بين الجنسين والمكانة المتدنية للنساء والفتيات التي تسبب العنف في الأوقات العادية تزداد سوءاً في سياقات الكوارث».

وستساعد الأبحاث المستقبلية في فهم هذه القضية المعقدة بشكل أفضل. على حد قول ثورستون والتي تأمل

أن تساعد هذه الدراسة الناس على فهم الروابط بين الكوارث والعنف ضد النساء والفتيات.