الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

وجه كورونا المضيء.. انخفاض معدلات الجرائم اليومية

وجه كورونا المضيء.. انخفاض معدلات الجرائم اليومية

وجه كورونا المضيء.. انخفاض معدلات الجرائم اليومية

قام فريق من الباحثين بقيادة جامعة كامبريدج وجامعة أوتريخت بفحص الاتجاهات في أعداد الجرائم اليومية قبل وبعد تطبيق قيود كورونا المستجد في المناطق الحضرية الكبرى مثل برشلونة وشيكاغو وساو باولو وتل أبيب وبريسبان ولندن.

ووجد الباحثون أن معظم أنواع الجرائم -مع الاستثناء الرئيسي لجرائم القتل- تراجعت بشكل كبير في تلك المدن.

في جميع المدن التي شملتها الدراسة والبالغ عددها 27 مدينة، انخفضت الاعتداءات اليومية بمعدل 35% وانخفضت عمليات السطو إلى النصف تقريباً، وانخفضت أنواع السرقة الأخرى مثل النشل وسرقة البضائع من المتاجر بمعدل 47%.



وقال مدير مركز أبحاث العنف في جامعة كامبريدج، والمؤلف الرئيسي لتلك الدراسة، مانويل إيسنر، إنهم وجدوا أن «العديد من أنواع الجرائم مثل السطو والسرقة والاعتداء أصبحت أقل تواتراً في الأسابيع الأولى من الإغلاق أوائل العام الماضي».


وأكد إيسنر في تصريحات خاصة لـ«الرؤية» على انخفاض معدلات جرائم الشوارع مثل السطو والسرقة باستخدام السلاح بشكل كبير، بينما لم تتغير نسب جرائم القتل العمد وغير العمد. وأضاف، «وجدنا اختلافات بين المدن، ففي المدن التي شهدت أكثر حالات الإغلاق صرامة، تراجعت جرائم الشوارع بأكثر من 80%، بينما كان الانخفاض أقل بكثير في المدن ذات القيود الأقل على الحياة العامة».

تُعد الجرائم جزءاً من حياة المدينة، ولأن الحياة «تقلصت» بفعل القيود المفروضة والإغلاق الصارم في بعض المدن «تقلصت الجريمة أيضاً» على حد ما قول إيسنر؛ والذي يُشير إلى أن القيود والإغلاق وحظر التجوال "خنقت الانتهازية التي تُغذي الكثير من الجرائم في المُدن، فجراء تلك القيود لا يُشرب الخمر في الشوارع أو البارات أو الحانات، كما لا يُمكن قضاء وقت طويل في المتاجر والمقاهي ومضمار السباق وملاعب كرة القدم، وبالتالي خسر اللصوص فُرصهم في العثور على الضحايا.

تتزايد معدلات الجريمة حين يتلاقى الجناة والضحايا المناسبون في مكان عام. ولأن هناك عدد أقل بكثير من الأهداف المحتملة في بؤر الجريمة المعتادة مثل الشوارع التي تضم الكثير من النوادي الليلية انخفضت أعداد الجرائم.

وكشفت الدراسة أن الانخفاضات في الجريمة الناتجة عن الإغلاق وفرض حظر التجوال تميل إلى أن تكون حادة، ولكنها لم تدم طويلاً، فمع حدوث أقصى انخفاض في أسبوعين إلى 5 أسابيع بعد التنفيذ، تلا ذلك عودة تدريجية إلى المستويات السابقة.

بشكل عام، وجد الفريق أن عمليات الإغلاق الأكثر صرامة أدت إلى انخفاض أكبر في الجريمة - على الرغم من أن المدن التي لديها «توصيات» طوعية بدلاً من القيود مثل مالمو وستوكهولم في السويد شهدت انخفاضاً في معدلات السرقة اليومية.

كما انخفضت سرقة المركبات بمعدل 39% في مواقع الدراسة. ووجد الباحثون أن القيود الأكثر صرامة على استخدام الحافلات والقطارات أثناء عمليات الإغلاق كانت مرتبطة بانخفاض أكبر في سرقة المركبات، مما يشير إلى أن التنقل في المدن عبر وسائل النقل العام غالباً ما يكون شرطاً أساسياً لسرقة مجموعة كبيرة من السيارات.

وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة، أمي نيفيت، في تصريحات خاصة لـ«الرؤية»: "إن أوامر البقاء في المنزل وإغلاق المحلات التجارية والمدارس والقيود المفروضة على وسائل النقل العام واختفاء السياحة تعني أن العديد من فرص الجريمة الحضرية لم تعد موجودة. أيضاً، مع بقاء الناس في المنزل أصبح من الصعب اقتحام الشقق أو المنازل الفارغة. وتشير النتائج التي توصل إليها الباحثون إلى أن هذا الانخفاض في فرص الجريمة؛ هو التفسير الأكثر منطقية لهذا الانخفاض في الجرائم.

وأضافت نيفيت، من المهم أن نفهم أن البيانات التي فحصناها لا تغطي العنف المنزلي؛ والذي نادراً ما يتم إبلاغ الشرطة به، أو الجرائم التي تُرتكب عبر الإنترنت، فهناك أدلة تشير إلى أن العنف المنزلي ضد الأطفال والنساء قد يكون زاد بشكل كبير أثناء الإغلاق.

وانخفضت معدلات السطو بنسبة 28% في جميع المدن التي شملتها الدراسة. لكن، أثرت عمليات الإغلاق على أعداد السطو بطرق مختلفة بشكل ملحوظ من مدينة إلى أخرى. فبينما شهدت مدينة ليما في بيرو انخفاضاً في المعدلات بنسبة 84%، شهدت سان فرانسيسكو زيادة بنسبة 38% في عمليات الاقتحام نتيجة لقيود فيروس كورونا.

أما بالنسبة لجرائم القتل؛ فقد كان الانخفاض في حده الأدنى، إذ انخفضت تلك الجرائم بنسبة 14% فقط في المتوسط ​​عبر جميع المدن في الدراسة. ففي كثير من المجتمعات، يتم ارتكاب نسبة كبيرة من جرائم القتل في المنزل. وبالتالي قالت الدراسة أن للقيود المفروضة على التنقل الحضري تأثير ضئيل على جرائم القتل المنزلي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الجريمة المنظمة -مثل عصابات تهريب المخدرات- مسؤولة عن نسبة متفاوتة من جرائم القتل. ومن المرجح أن يكون سلوك هذه العصابات أقل حساسية للتغييرات التي يفرضها الإغلاق.

وشهدت ثلاث مدن أدت فيها جرائم العصابات إلى العنف، وكلها في أمريكا الجنوبية، انخفاضات كبيرة في جرائم القتل اليومية نتيجة لسياسات الإغلاق. ففي ريو دي جانيرو بالبرازيل، انخفض معدل جرائم القتل بنسبة 24%. وفي كالي، كولومبيا، كان الانخفاض 29%، وفي ليما بيرو حدث انخفاض بنسبة 76%.

كما شهدت معدلات الاعتداءات المبلغ عنها انخفاضاً كبيراً في ريو دي جانيرو (56%) وليما (75%). وقال إيسنر: «قد تكون الجماعات الإجرامية استخدمت الأزمة لتقوية سلطتها من خلال فرض حظر التجول وتقييد الحركة في المناطق التي تسيطر عليها، مما أدى إلى هدوء أعمال العنف التي ابتليت بها هذه المدن».

أما في برشلونة، فقد انخفض معدل السرقات التي سجلتها الشرطة في المدينة الإسبانية من 385 في المتوسط ​​في اليوم إلى 38 تحت الإغلاق. وشهدت لندن انخفاضاً أقل وضوحاً، ولكنه لا يزال ملحوظاً في بعض الجرائم، حيث انخفضت السرقات اليومية بنسبة 60% والسرقات بالسلاح بنسبة 29%.

وحققت المدينتان الأمريكيتان في الدراسة، شيكاغو وسان فرانسيسكو، أفضل نتائج لهما في فئة الاعتداء، إذ انخفضت بنسبة 34% و36% على التوالي.

وعلى الرغم من أن الوباء له أثار مُدمرة، ولكنه يُشكل فرصاً لفهم العمليات الاجتماعية بشكل أفضل، بما في ذلك تلك المتورطة في التسبب في مستويات الجريمة على مستوى المدينة.